فصل : فأما إذا
قال : إحراما كإحرام زيد ، فهو جائز ومحرم بما أحرم به زيد من حج أو عمرة أو قران ، لأن
علي بن أبي طالب ، وأبا
موسى الأشعري رضي الله عنهما أحرما
باليمن ، وقالا :
إهلالا كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما بالحج ، لأنه كان قد ساق هديا ، فأمر
عليا عليه السلام أن يحرم بالحج : لأنه قد كان ساق هديا ، وأمر
أبا موسى أن يحرم بعمرة ، لأنه لم يكن قد ساق هديا ، فإذا ثبت هذا ، فلا يخلو حال زيد من أحد أمرين : إما أن يكون محرما ، أو حلالا . وإن كان زيد حلالا ، قيل لهذا المحرم : لك أن تصرف إحرامك إلى ما شئت من حج ، أو عمرة ، أو قران .
فإن قيل : فإذا كان زيد حلالا ، فهلا كان هذا حلالا : لأنه مثله ، وقد جعل على نفسه مثل ما جعل زيد على نفسه .
قيل هذا ، قد عقد إحرام نفسه ، ولم يقل أنا محرم إن كان زيد محرما ، وإنما جعل صفة إحرامه كصفة إحرام زيد ، فإذا لم يكن زيد محرما لم يكن إحرام هذا موصوفا ، وكان موقوفا ، ووجب عليه أن يصرفه إلى ما شاء من حج ، أو عمرة ، أو قران ، وإن كان زيد محرما ، فلا يخلو حال هذا المحرم ، كإحرامه من إحرامين ، وإما أن يعلم بماذا أحرم زيد أو لا يعلم ، فإن علم بماذا أحرم زيد أحرم بمثله ، فإن كان زيد حاجا ، أحرم بالحج ، وإن كان معتمرا أحرم بعمرة ، وإن كان قارنا قرن والعلم بإحرامه قد يكون بإخباره وقوله ، إذ لا سبيل إلى الوصول إليه إلا من جهته ، فإن لم يعلم ، بماذا أحرم زيد ، لأن زيدا قد مات ، أو غاب ، فعليه أن ينوي القران . نص عليه
الشافعي في الجديد والقديم ، لجواز أن يكون زيد قارنا ، وهذا يدل على أنه إذا
شك في إحرام نفسه ، هل كان قارنا أو مفردا : يكون قارنا ، قولا واحدا : لأنه يجوز أن يكون قد قرن ، كما يجوز أن يكون زيد قد قرن ، فلا فرق بينهما .
ولو
قال : إحرامي كإحرام زيد وعمرو ، فكان أحدهما محرما بحج ، والآخر بعمرة كان هذا قارنا ، ولو كان أحدهما قارنا والآخر حاجا أو معتمرا كان قارنا ولو كان كل واحد منهما محرما بحج كان حاجا لا غير ، ولو كان كل واحد منهما محرما بعمرة كان هذا معتمرا ، كمن أحرم بحجتين أو عمرتين لم يلزمه إلا واحدة .