فصل : إن كان ما تكرر من الفعل ، جنسا واحدا ، كأنه لبس ثم لبس ، أو تطيب ، ثم تطيب ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون متواليا في مقام واحد ، كأنه
لبس قميصا ، ثم سراويل ، ثم عمامة ، في وقت واحد ، فعليه فدية واحدة : لأن الفعل إذا كان متصلا من جنس واحد ، كان فعلا واحدا ، وإن تكرر ، ألا ترى أنه لو قال : والله لا أكلت اليوم إلا مرة ، فابتدأ بالأكل ، ثم استدامه إلى آخر اليوم لم يحنث سوى قطع ذلك في وقت واحد أو في أوقات شتى : لأن الكفارة تجب باللباس ، لا بالخلع .
والضرب الثاني : أن يكون ذلك متفرقا في أزمان شتى ، كأنه لبس قميصا ، فصبر زمانا طويلا ، أو في يوم غيره ، ثم لبس سراويل ، ثم لبس بعده بزمان طويل عمامة ، ثم لبس بعد ذلك خفين ، فإن لبس الثاني بعد أن كفر عن الأول ، فعليه كفارة ثانية ، لا يختلف ، وكذلك في اللبس الثالث ، والرابع ، وإن لبس الثاني قبل أن يكفر عن الأول ، ثم كذلك في الثالث ، والرابع ، فهل عليه في جميع ذلك كفارة واحدة ، أو في كل لبسة من ذلك كفارة على قولين منصوصين :
أحدهما : وهو قوله في القديم : عليه لكل ذلك كفارة واحدة : لأن الكفارات كالحدود لقوله صلى الله عليه وسلم :
الحدود كفارات لأهلها ، ثم يثبت أن الحدود تتداخل ، وإن كان الفعل في أوقات ، فكذا الكفارة تجب أن تتداخل ، وإن كان الفعل في أوقات ولأنه جنس استمتاع ، فوجب أن يتداخل كما لو كان متواليا .
والقول الثاني : نص عليه في الجديد : وأن عليه لكل واحد من ذلك كفارة : لأنها أفعال ، لو كفر عما قبلها لزمه التكفير عنها ، فوجب أن يلزمه التكفير عنها ، وإن لم يكفر عما قبلها ، كالأجناس المختلفة ، ولأنها أفعال ، لو كانت أجناسا لزمه التكفير عن كل واحد منها ، فوجب لما كانت جنسا واحدا أن يلزمه التكفير من كل واحد منها كما لو كفر عما قبلها .