مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وما
أكل من خبيص فيه زعفران ، فصبغ اللسان ، فعليه الفدية وإن كان مستهلكا ، فلا فدية فيه " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . إذا أكل المحرم خبيصا ، أو غيره من الحلواء والطبيخ ، وفيه زعفران ، أو غيره من الطيب ، فإن لم يظهر فيه طعمه ولا لونه ولا رائحته فلا فدية فيه لأن الطيب مستهلك فيه وإن ظهر بأحد أوصافه ، نظرت ، فإن ظهرت فيه رائحة ، ففيه الفدية : لأن رائحة الطيب هي المقصودة ، وإن ظهر فيه طعم ففيه الفدية أيضا : لأن طعمه في المأكول مقصود ، وإن ظهر فيه لونه لا غير . فنص
الشافعي ها هنا ، وفي مختصر الحج ، أن فيه الفدية . فاختلف أصحابنا فكان
أبو العباس بن سريج ،
وأبو الطيب بن سلمة ، يخرجان المسألة على قولين :
أحدهما : فيه الفدية : لأن لون الزعفران مقصود كطعمه ، ولأن بقاء لونه دليل على بقاء رائحته ، وإن خفي .
[ ص: 111 ] والقول الثاني : لا فدية فيه ، وهو الصحيح . وبه قال من الصحابة
جابر ،
وابن عمر ، ومن التابعين
عطاء ،
وطاوس ،
ومجاهد : لأن رائحة الطيب مقصودة دون لونه ، ألا ترى أن العصفر أشهر لونا منه ولا فدية فيه ، ولأن رائحة الطيب لو زالت من الثوب ، وبقي لونه لم تجب فيه الفدية ، فكذلك الطعام ، المأكول ، إذا بقي فيه لون الطيب لم تجب الفدية ، وكان
أبو إسحاق المروزي يمنع من تخريجها على قولين ، ويحمل اختلاف قول
الشافعي على اختلاف حالين ، فالموضع الذي أوجب الفدية ، إذا بقي مع لون الطيب ، إما ريحه ، أو طعمه ، والموضع الذي أسقط الفدية إذا لم يبق غير لونه ، وسواء ما مسه النار أو غيره .