فصل : فأما إن
حلق من شعر رأسه أقل من ثلاث شعرات ، فهو مضمون عليه بالفدية ،
[ ص: 115 ] وقال
مجاهد : هو غير مضمون عليه وبه قال
مالك في إحدى الروايتين عنه وقال : هذا خطأ : لأن كل جملة كان ممنوعا من إتلافها ، كان ممنوعا من إتلاف أبعاضها ، كالصيد ، إذا ثبت أنه ممنوع منه ثبت وجوب الفدية فيه ، وإذا كانت الفدية فيه واجبة ، ففيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : رواية
الحميدي . عن
الشافعي أن عليه في الشعرة الواحدة ثلث دم ، وفي الشعرتين ثلثي دم ، وفي الثلاث دما ، واختاره
المروزي : لأن كل جملة وجب فيها دم ففي أبعاضها أبعاض ذلك الدم كالصيد .
والقول الثاني : مخرج من الأم ، فيمن ترك حصاة ، أن عليه فيها درهما ، فكذلك عليه في الشعرة الواحدة درهم ، وفي الشعرتين درهمان ، وفي الثلاثة المجتمعة دم . وبه قال
عطاء : لأنه أيسر على المكفر وأنفع للآخذ .
والقول الثالث : وهو الصحيح . نص عليه في هذا الموضع
والبويطي ، وعليه يقول سائر أصحابه : أن عليه في الشعرة الواحدة مدا من حنطة ، وفي الشعرتين مدين ، وفي الثلاثة المجتمعة دما ، لأن في تبعيض الدم مشقة تلحق الدافع ، وضررا يلحق الآخذ ، فوجب أن يعدل إلى غيره من جنس ، يجب في الكفارات ، وهو الإطعام وأقل الإطعام في الشرع مد ، فأوجباه . فعلى هذا القول لو حلق ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات ففيها وجهان :
أحدهما : عليه ثلاثة أمداد ، اعتبارا بالآحاد .
الثاني : عليه دم اعتبارا بالجملة ، وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه في اللباس إذا تكرر ، هل يتداخل حكمه على هذين الوجهين لو حلق أربع شعرات في أربعة أوقات ؟ فأحد الوجهين ، عليه أربعة أمداد ، إذا روعي حكم الانفراد .
والثاني : عليه دم إذا روي حكم الاجتماع وكذلك فيما زاد .