فصل : فإذا ثبت ذلك فصورة هذه المسألة في
رجل تيمم ينوي استباحة الصلاة معتقدا أنه محدث وصلى بعد تيممه ثم ذكر أنه كان جنبا فتيممه جائز وصلاته ماضية ، ولا إعادة عليه وبه قال
أبو حنيفة ، وقال
مالك : لا يجزئه التيمم والصلاة وعليه أن يعيدها استدلالا بأن اتفاق موجبها مع اختلاف حكمها لا يوجب نيابة أحدهما عن الآخر ، كمن ظن أن عليه عصرا
[ ص: 251 ] فصلاها ثم بانت ظهرا ، ولأنه تطهر عن حدث فوجب أن لا يجزئه عن طهارة الجنابة كالواجد للماء ، ودليلنا هو أنهما طهارتان متفقتان في الصورة والنية ، فلم يكن الخطأ فيهما مانعا من إجزائهما قياسا على المرأة إذا اغتسلت من جنابة فكان حيضا ، أو المحدث يتوضأ عن صوت وكان نوما ، ولأنه تيمم عن أحد الحدثين ، فوجب أن يكون الخطأ فيه غير مانع من الإجزاء قياسا على ما إذا تيمم عن جنابة فكان محدثا ، فكذا إذا تيمم عن حدث فكان جنبا ، فالمعنى الذي ذكرنا ، فأما الجواب عن استشهادهم بالصلاة فمن وجهين :
أحدهما : أن
تعيين النية في الصلاة واجب ، وتعيينها في الحدث غير واجب .
والثاني : أن الأحداث إذا اجتمعت تداخلت ، والصلوات إذا ترادفت لم تتداخل ، وأما قياسه ، على الماء فالمعنى فيه : أن طهارة الجنب بالماء أعم من طهارة المحدث فلم " يجزه وطهارة الجنب بالتراب كطهارة المحدث فأجزأه .