فصل : فإذا ثبت أن الطواف لا يصح بغير طهارة ،
فطاف بغير طهارة ، كان طوافه غير مجزئ ، كمن لم يطف . فلو أحرم بالعمرة من الميقات ، وفرغ من أعمالها ، وتحلل منها ، ثم أحرم بالحج وفرغ من أعماله وتحلل منه ، ثم ذكرنا أنه طاف أحد الطوافين بغير طهارة ، وقد أشكل عليه فليس يعلم هل هو طواف العمرة ، أو طواف الحج ؟ فعليه أن يطوف ويسعى ، وعليه دم شاة ، وقد أجزأه عن الحج ، والعمرة . وإنما كان كذلك ، لأنه قد يجوز أن يكون محدثا في طواف العمرة ، ويجوز أن يكون محدثا في طواف الحج فإن
كان محدثا في طواف العمرة لم يعتد بطوافه فيها ولا بسعيه ، وعليه دم لحلاقه وقد صار قارنا لإدخاله الحج على العمرة قبل تحلله منها وعليه دم للقران ، وطوافه في الحج يجزئه عنهما جميعا ، لأن القارن يجزئه طواف واحد وسعي واحد ، فعلى هذا التنزيل يلزمه دمان :
[ ص: 146 ] أحدهما : لأجل الحلاق .
والثاني : لأجل القران ، ولا يلزمه طواف ولا سعي ، وقد أجزأه الحج والعمرة . وإن كان
محدثا في طواف الحج دون العمرة ، فقد أكمل العمرة ، ثم أحرم بعدها بالحج فصار متمتعا ، فعليه دم التمتع ، وقد طاف وسعى على غير طهارة ، فلا يعتد بطوافه وسعيه ، وعليه أن يطوف ويسعى ، فعلى هذا التنزيل ، يلزمه دم : لتمتعه بطواف وسعي ، ويجزئه الحج والعمرة ، فعلى هذين التنزيلين ، يلزمه طواف وسعي ، ليصبح أداؤه لفرض النسكين يقينا ، وقد أجزأه الحج والعمرة جميعا ، وعليه دم واحد يقينا ، لأنه لا يخلو أن يكون قارنا أو متمتعا ، وأيهما كان ، فقد لزمه دم ، فأما دم الحلاق ، فلا يلزمه ، لأنه مشكوك في وجوبه ، فإن قيل قد أوجبتم عليه الطواف والسعي مع الشك في وجوبه ، فما الفرق بينه وبين دم الحلاق ؟
قيل : الفرق بينهما : أن الطواف والسعي من أركان الحج ، وما شك في فعله من أركان حجه ، لزمه الإتيان به ، كمن شك في ركن من أركان صلاته ، لزمه الإتيان به ، ودم الحلاق ليس من الحج ، ومن شك في لزوم بما ليس من حجه ، لم يجب عليه كمن شك في صلاته ، هل تكلم أم لا ، لم يجب عليه سجود السهو .