فصل : وأما الحالتان اللتان لا تجزئان فإحداهما لا تجزئ للمجاوزة ، والثانية لا تجزئ للتقصير ، فأما ما لا تجزئ للمجاوزة فهو أن
يطوف خارج المسجد في الوادي من وراء الجدار ، فهذا لا يجزئ : لأن هذا غير طائف بالبيت ، وإنما هو طائف بالمسجد ولو أجزأ هذا أجزأه طوافه حول
مكة ، ما لا يجزئ للنقص ففي أربعة أحوال :
أحدها : أن
يطوف داخل البيت فلا يجزئه : لأنه مأمور بالطواف بالبيت وهذا غير طائف به ، وإنما هو طائف فيه .
والثاني : أن
يطوف على ظهر البيت فلا يجزئه : لأنه طائف وليس بطائف بالبيت .
والثالث : أن
يطوف خارج البيت على شاذروانه فلا يجزئه : لأن شاذروان البيت هو أساسه ، ثم يقتصر بالبناء على بعضه ، فالطائف عليه لم يطف بجميع البيت وإنما طاف ببعضه .
والرابع : أن
يطوف خارج البيت وفي الحجر فلا يجزئه .
وقال
أبو حنيفة : يجزئه لقوله تعالى :
وليطوفوا بالبيت العتيق [ الحج : 29 ] ، وهذا طائف به وإن كان الحجر من ورائه لأن الحجر من البيت والدلالة على أنه من البيت ما روى
[ ص: 150 ] علقمة بن أبي علقمة عن أبيه عن
عائشة أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922719كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وأدخلني في الحجر وقال صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت ، فإنما هو قطعة من البيت ولأن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت .
وروى
مرثد بن شرحبيل قال حضرت
ابن الزبير وقد أدخل على
عائشة سبعين رجلا من كبار
قريش وأشرافهم وخيارهم فأخبرتهم أن رسول صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=922720لولا حدثان قومك بالشرك لبنيت البيت على قواعد إبراهيم وهل تدرين لم قصروا عن قواعد إبراهيم قالت : لا ، قال : قصرت بهم النفقة .
وروى
الوليد بن عطاء عن
الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي قال : سمعت
عائشة رضي الله عنها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922721إن قومك استقصروا عن بنيان البيت ولولا حدثانهم بالكفار لأعدت فيه ما تركوا منه ولجعلت له بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلم لأريك ما تركوا منه قالت : فأراها قريبا من تسعة أذرع .
فثبت بهذه الأخبار أنه من البيت وقد كان
ابن الزبير في أيامه هدمه وابتناه على قواعد
إبراهيم ، وجعل له بابين شرقيا وغربيا كما ذكرت
عائشة فهدم
الحجاج زيادة
ابن الزبير التي استوظف بها القواعد فهم بعض الولاة بإعادته ، وقيل على ما كان
المهدي من
بني العباس فكره ذلك بعض من أشار عليه ، فقال : أخاف أن لا يأتي وال لا أحب أن يرى في البيت أثر ينسب إليه ، والبيت أجل من أن يطمع فيه ، وقد أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه بعده ، فإذا ثبت بما ذكرنا من الأخبار وحكينا من فعل
ابن الزبير أن الحجر من البيت لم يجزه الطواف فيه لقوله تعالى :
وليطوفوا بالبيت العتيق [ الحج : 29 ] ، وإذا طاف في الحجر كان طائفا بالبيت الجديد ولم يكن طائفا بالبيت العتيق فلم يجزه : لأنه طاف ببعضه .