مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ثم يركب فيروح إلى الموقف عند الصخرات ، ثم يستقبل القبلة بالدعاء ، وحيثما وقف الناس من
عرفة أجزأهم : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=922756هذا [ ص: 171 ] موقف وكل عرفة موقف . ( قال ) : حدثنا
إبراهيم قال حدثنا
الربيع قال : سمعت
الشافعي يقول : "
عرفة كل سهل وجبل أقبل على الموقف فيما بين التلعة التي تفضي إلى طريق نعمان ، وإلى حصين وما أقبل من كبكب . " وأحب للحاج ترك صوم عرفة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمه ، وأرى أنه أقوى للمفطر على الدعاء ،
وأفضل الدعاء يوم عرفة " .
قال
الماوردي : أما
الوقوف بعرفة فركن من أركان الحج واجب ، لا نعرف فيه خلافا بين العلماء : لرواية
بكير بن عطاء عن
عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922757الحج عرفات ، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، أيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه . فإذا ثبت ذلك فالكلام بعده في فصلين :
أحدهما : موضع الوقوف .
والثاني : زمان الوقوف .
فأما
موضع الوقوف فهو عرفة ،
وعرفة ما جاوز وادي
عرفة الذي فيه المسجد ، وليس المسجد ولا وادي
عرفة من
عرفة إلى الجبال القابلة على
عرفة كلها مما يلي حوائط
بني عامر ، وطريق الحصن ، فإذا جاوزت ذلك فليس من
عرفة ، وهذا حد
الشافعي ، وهو به أعرف ، فإذا فرغ الإمام من الصلاة توجه من مسجد
إبراهيم إلى
عرفة ، وقد حكى
سفيان بن عيينة أن
قريشا كانت تسمى الحمس ، وكانوا لا يخرجون من الحرم يوم
عرفة ، ويقفون
بنمرة دون
عرفة في الحرم ، ويقولون لسنا كسائر الناس ، نحن أهل الله فلا نخرج من حرم الله ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقف مع
قريش في الحرم ، ويخرج مع الناس إلى
عرفة ، فروى
عمرو بن دينار عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : ذهبت أطلب بعيرا إلى
عرفة ضل مني ، حتى أتيت
عرفة فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف مع الناس
بعرفة ، فقلت : هذا من الحمس فما له خرج من الحرم ، فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، ضربوا قبته
بنمرة على رسم
قريش ،
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فنزل هناك إلى أن زالت الشمس ثم خرج ومضى إلى عرفة مسجد إبراهيم فصلى هناك ، ثم راح إلى عرفات ، فقلعت قبته ، ورفعت إلى الموقف ، وأنزل الله تعالى في ذلك : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس [ البقرة : 199 ] ، أو ارجعوا من حيث رجع الناس ، وفي الناس هاهنا قولان :
أحدهما : أنه
إبراهيم ؛ لأنه كان يقف
بعرفة .
والثاني : أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وقف بها وفي تسمية
قريش بالحمس قولان :
أحدهما : لأنهم تحمسوا في دينهم ، أي تشددوا ، ومنه قول
العجاج :
وكم قطعنا من قفاف حمس
أي شداد .
والثاني : أنهم سموا حمسا
بالكعبة ؛ لأنها حمس ، حجرها أبيض يضرب إلى السواد .
[ ص: 172 ] وروى
جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن
جابر بن عبد الله قال : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدمنا
عرفة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
هذه عرفة وكلها موقف ، إلا وادي عرفة . وروى
عبد الله بن صفوان عن خال له قال : كنا في موقف لنا
بعرفة ، فأتانا
ابن مربع الأنصاري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922759أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم هذه ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم ، فإذا ثبت أن
عرفة هي الموقف فالذي يختار من ذلك أن يقصد نحو الجبل الذي يقال له جبل الدعاء ، وهو موقف الأنبياء صلى الله عليهم ، والموقف الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بين الأجبل الثلاثة ، وموقفه على الثالث هو الطواف الذي عند السن الذي خلفه مقام الإمام ، وقف على ضربين من الثالث ، وجعل بطن ناقته إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة بين يديه ، فهذا أحب المواقف إلينا ، أن يقف فيه الإمام ومن معه من الناس .
قال
الشافعي : وحيث وقف الناس من
عرفة في جوانبها ونواحيها ومضاربها ، وجبالها وسهولها وبطنها وأوديتها وسوقها المعروف بذي المجاز أجزأ ، إذا وقف في الموضع الذي يعرفه العرب
بعرفة ، فأما إذا وقف بغير
عرفة من ورائها أو دونها في
عرفة عامدا أو ناسيا أو جاهلا بها لم تجزه ، وقال
مالك : يجزئه وعليه دم ، وهذا خطأ ، لقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=922760الحج عرفة ، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج .