مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ولو رمى فوقعت حصاة على محمل ، ثم استنت فوقعت في موضع الحصى أجزأه ، وإن وقعت في ثوب رجل فنفضها لم يجزه " .
قال
الماوردي : وأصل هذا أن على رامي الجمار حصول الحصى في الجمار برميه ، فإذا رمى الجمرة بحصاة فوقعت على محفل ، أو حمل ثم استنت فوقعت في الجمرة أجزأه ؛ لأنها وقعت فيه برميه ، فإن قيل فالسهم المزدلف إذا وقع على الأرض ثم ازدلف فأصاب الهدف لم يعتد به على أحد القولين ، فهلا كان رمي الجمار مثله ؟ قيل : الفرق بينهما : أن المقصود في الرمي حذف الرامي وجودة رميه ، فإذا أصاب الأرض ، ثم ازدلف إلى الهدف أنبأ ذلك على سوء رميه فلم يعتد به ،
والمقصود في رمي الجمار حصول الحصى في الجمرة بفعله ، فكان ما أصاب الأرض ، ثم ازدلف بنفسه معتدا به لحصوله بفعله ، فأما إذا
رمى بحصاة فأصاب ثوب رجل فنفضها فوقعت في الجمرة لم يجزه : لأن الفعل الثاني قاطع للأول ، فصار الرمي منسوبا إليه ، فلو رمى بها فأصاب عنق بعير فحركه ، ثم وقعت في الجمرة فلم يعلم هل وقعت بالرمي الأول أو بتحريك البعير فعلى وجهين :
أحدهما : لا يجزئه : لأنه متردد بين أن يكون بفعل الرامي فيجزئ : وبين أن يكون بتحريك البعير فلا يجزئ ، وبالشك لا يسقط ما في ذمته من الرمي .
والوجه الثاني : أنه يجزئه : لأن وجود الفعل الأول متحقق ، وحدوث الفعل الثاني بتحريك البعير مشكوك فيه ، فلم يجز أن يسقط حكم فعل متحقق بفعل مشكوك فيه .