مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن رمى قبل الفجر بعد نصف الليل أجزأ عنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن تعجل الإفاضة وتوافي صلاة الصبح
بمكة وكان يومها ، فأحب أن يوافيه صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن تكون رمت إلا قبل الفجر " .
قال
الماوردي : أما
الرمي الواجب في يوم النحر ، فهو رمي جمرة العقبة وحدها دون غيرها من الجمرات ، ووقت رميها في الاختيار من طلوع الشمس إلى زوالها : لرواية
أبي [ ص: 185 ] الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة الأولى ضحى ، فأما وقت رميها في الجواز ، فمن بعد نصف الليل إلى غروب الشمس ، فإن رمى الجمرة قبل نصف الليل لم يجزه ، وإن رمى بعد نصف الليل وقبل الفجر أجزأه .
وقال
أبو حنيفة : إن رمى قبل الفجر لم يجزه ، وبه قال
مالك وأحمد وإسحاق .
وقال
سفيان الثوري : إن رمى قبل طلوع الشمس لم يجزه ، وبه قال
طاوس والنخعي استدلالا بأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى ضحى ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922705خذوا عني مناسككم وبرواية
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922795أتانا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بجمرة أغيلمة بني عبد المطلب ، وحملنا على حمراتنا فلطخ أفخاذنا ، وقال أن لا ترموا إلا بعد طلوع الشمس " قوله لطخ أفخاذنا : أي ضرب أفخاذنا كذا فسره
أبو عبيد رحمه الله ، واستدل
أبو حنيفة ومن معه بأن قالوا : حكم ما بعد نصف الليل كحكم ما قبله : لكونه وقتا للمبيت
بمزدلفة ، فوجب أن يستوي حكمها في المنع مع رمي جمرة العقبة ، وتحرير ذلك قياسا إن رمى بليل ، فوجب أن لا يجزئ ، كما قبل نصف الليل ، قالوا : ولأن الرمي يجب في يوم النحر وأيام
منى ، فلما لم يجز رمي أيام
منى قبل طلوع الفجر ، لم يجز رمي يوم النحر قبل طلوع الفجر .
وتحرير ذلك قياسا أن رمى قبل طلوع الفجر ، فوجب أن لا يجزئ كأيام
منى ، قالوا : ولأنه قد يتعلق بيوم النحر شيئان رمي وذبح ، فلما لم يجز بتقديم الذبح قبل الفجر ، لم يجز تقديم الرمي قبل الفجر .
ودليلنا رواية
هشام بن عروة عن أبيه ، عن
عائشة رضي الله عنها قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922796أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها ليلة النحر ، فرمت قبل الفجر ثم أفاضت " .
وروى
القاسم بن محمد عن
عائشة رضي الله عنها قالت : وددت أني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة أن تأتي
منى بليل ، ورمت قبل أن يأتي الناس ، فأذن لها ، وكانت امرأة ثقيلة بطيئة " .
وروى
ابن جريح عن
عبد الله مولى nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر قال : دخلنا مع
أسماء من جمع لما غاب القمر وأتينا
منى ورمينا وصلت الصبح في دارها ، فقلت يا هنتاه رمينا قبل الفجر ، فقالت : هكذا كنا نفعل أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولأن ما بعد نصف الليل من توابع النهار المستقبل ، فوجب أن يكون حكمه في الرمي حكم النهار المستقبل ، وتحرير ذلك قياسا أنه رمى بعد نصف الليل ، فوجب أن يجزئه ، كالرمي بعد الفجر .
[ ص: 186 ] والجواب عن حديث
ابن عباس ورمي النبي صلى الله عليه وسلم إذا عارضته أخبارنا كان محمولا على الاختيار .
وأما قياسهم على ما قبل نصف الليل فالمعنى في النصف الأول أنه من توابع اليوم الماضي ؛ فلذلك لم يجزه والنصف الثاني من توابع اليوم المستقبل ؛ فلذلك أجزأه .
وأما قياسهم على الرمي في أيام
منى فغير صحيح ؛ لأنهما مفترقان في الحكم ، لإجماعهم على أن
وقت الرمي في أيام منى مخالف للرمي في يوم النحر : لأن الرمي في أيام
منى لا يجوز قبل الزوال ، ويجوز في يوم النحر قبل الزوال ؛ فلذلك جاز في يوم النحر قبل الفجر ، وإن لم يجز في أيام
منى قبل الفجر .