الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت وجوب الطلب ، فالطلب طلبان : طلب إحاطة ، وطلب استخبار ، فأما طلب الإحاطة فمستحق في رحله ومما تحت يده فيلتمس فيه الماء ظاهرا وباطنا ، إما بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه ، وأماطلب الاستخبار فمعتبر في المنزل الذي حصل فيه من منازل سفره وليس عليه [ طلبه ] في غير المنزل الذي هو منسوب إلى نزوله فيستخبر من فيه من أهله وغير أهله ، بنفسه ، أو بمن يثق بصدقه عن الماء معهم ، أو في منزلهم فمن استخبر عن الماء الذي في المنزل لم يعمل على خبره إلا أن يثق بصدقه ، ومن استخبره عن الماء الذي بيده عمل على خبره صادقا كان أو كاذبا ، [ لأنه إن كان كاذبا ] فهو كالمانع منه ، فإن وهب له المطلوب منه الماء لزمه قبوله ، لأن وجوب الطلب لاستحقاق القبول ، وكذلك لم يجب عليه طلب المال في الحج : لأنه لو وهب له لم يجب عليه القبول ، فإن بقي في المنزل ناحية يرجو الماء فيها بنفسه راعاها بنفسه أو بمن يثق بصدقه ظاهرا لا باطنا بخلاف رحله ، وليس عليه طلب المال في غير منزله الذي هو منسوب إلى النزول فيه فإذا تحقق عدم الماء إحاطة واستخبارا تيمم ، فلو رأى بعد طلبه وتيممه سوادا أو راكبا لزمه طلب الماء منه ، فإن وجده استعمله ، وإن لم يجده أعاد التيمم : لأنه بعد رؤية الراكب صار متيمما قبل كمال الطلب ، ثم عليه في كل تيمم أن يعيد طلب الماء في غير رحله ، وليس عليه إعادة طلبه في رحله : لأن عدم الماء في رحله يقين ووجوده في غير رحله مجوز .

التالي السابق


الخدمات العلمية