فصل : فإذا ثبت أن وقت الرمي بعد الزوال ، وأن ما قبله لا يجزئه فترتيب الجمرات واجب يبدأ بالجمرة الأولى التي على
مزدلفة ومسجد الخيف ، وهي القصوى من
مكة ثم التي تليها ، وهي الوسطى ، ثم جمرة العقبة هي الدنيا إلى
مكة ، وحكي عن
عطاء والحسن أن ترتيب الجمرات ليس بواجب وبأيهما بدأ أجزأه ، وبه قال
أبو حنيفة .
[ ص: 195 ] والدلالة عليهم حديث
عائشة المقدم ، ولأنه نسك يتكرر فوجب أن يكون ابتداؤه معينا كالطواف .
فأما
صفة الرمي فهو أن يبدأ بالجمرة الأولى فيعلوها علوا ويرميها بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويرفع يديه حتى يرى " ما تحت إبطيه ثم يتقدم عليها فيجعلها في قفاه ويقف في الموضوع الذي لا يناله ما تطاير من الحصى ، ثم يقف مستقبلا للقبلة ويدعو الله تعالى بقدر سورة البقرة هكذا روي عن
ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ، ثم يأتي بالجمرة الوسطى وهي الثانية فيعلوها علوا يرميها بسبع حصيات ، ويصنع كما صنع في الجمرة الأولى ، ثم يأتي جمرة العقبة وهي الثالثة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات ولا يعلوها كما في الجمرتين قبلها ؛ لأنها على أكمله لا يمكنه غير ذلك .
وقال
مالك : يرمي الجمرات كلها من أسفلها وما ذكرناه أولى ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ثم السلف بعده ، ثم ينصرف بعد رمي جمرة العقبة ، ولا يصنع عندها كما صنع عند الجمرتين من قبل ، ثم يصلي الظهر بعد رميه ، فإن رمى بعد صلاة الظهر أجزأه ، وكذا لو ترك الذكر والدعاء لم يفتد ، ثم يرمي في اليوم الثاني والثالث كذلك في الجمرات الثلاث ، واختلف الناس في تسميتها جمرة ، فقال قوم : إنما سميت جمرة لاجتماع الناس بها ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
نهى عن التجمير يعني : اجتماع الرجال والنساء في الغروات ، وقال آخرون : سميت بذلك : لأن
إبراهيم عليه السلام ، لما عرض له إبليس هناك فحصه جمر من بين يديه أي : أسرع والإجمار الإسراع .
وقال آخرون : سميت بذلك ؛ لأنها تجمر بالحصى والعرب تسمي الحصى الصغار جمارا .