الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما الحكم الثاني وهو وجوب الإتمام : فعليه بعد إفساد حجه أن يتممه ويمضي في فاسده وهو قول جمهور الفقهاء .

وقال ربيعة وداود : قد خرج منه بالفساد ولا يلزمه إتمامه ، وقد حكي نحوه عن عطاء استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم : كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد . والحج الفاسد ليس عليه أمرنا ، فوجب أن يكون مردودا ؛ ولأنه لما خرج بالفساد من الإحرام من سائر العبادات كالصلاة والصيام وجب أن يكون خارجا بالفساد من الإحرام .

ودليلنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، وهو ما روي عن عمر ، وعلي ، وابن عباس وأبي هريرة ، وأبي موسى أنهم قالوا : إذا أفسد حجه مضى في فاسده ، ولا مخالف لهم ؛ ولأنه سبب قضاء الحج فوجب أن لا يخرج به عن الحج كالفوات ، فأما قوله : كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد . فالذي ليس عليه أمر صاحب الشرع هو الوطء ، وهو مردود ، فأما الحج فعليه صاحب الشرع ، وما ذكروه من سائر العبادات فالفرق بينهما وبين الحج أنه يخرج منها بالفوات ، فكذلك خرج منها بالفساد ، والحج لما لم يخرج منه بالفوات لم يخرج منه بالفساد .

التالي السابق


الخدمات العلمية