فصل : وأما الفصل الثالث في التفرقة بينهما : فهو أنهما
إذا أحرما بالقضاء وبلغا الموضع الذي وطئها فيه فرق بينهما ، وقد نص عليه
الشافعي في سائر كتبه في القديم والجديد والإملاء ، وبه قال
مالك . وقال
أبو حنيفة : لا أعرف للافتراق معنى : لأنه لو وطئها في الصوم ، ثم دخل في القضاء لم يفرق بينهما ، ولم يمنعا من الاجتماع في الموضع الذي وطئها فيه ، كذلك في قضاء الحج .
ودليلنا هو أنه قول ثلاثة من الصحابة
عمر وعثمان ، وابن عباس رضي الله عنهم ، وليس يعرف لهم في الصحابة مخالف فكان إجماعا : ولأنه بفراقهما يأمن عليها الشهوة في وطئها ؛ وليكون زجرا له وتندما فيما فعله ، فأما الصوم فمخالف للحج : لأن قضاء الحج كأصله في إفساده بالوطء ووجوب الكفارة فيه ، وقضاء الصوم أخف من أصله : لأن الكفارة في إفساده
[ ص: 223 ] بالوطء لا تجب فيه فافترقا : فإذا ثبت أنه مأمور بفراقها إذا بلغا الموضع الذي وطئها فيه ، واعتزالهما في السير والنزول ، فهل ذلك
واجب أو مستحب ؟ على وجهين :
أحدهما : واجب وبه قال
مالك لما ذكرنا من الإجماع فيه .
والوجه الثاني : اجتناب الوطء مستحب ، وهو أصح : لأن الواجب اجتناب الوطء والافتراق احتياط .