مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وما تلذذ منها دون الجماع فشاة تجزئه ، فإن لم يجد المفسد بدنة فبقرة ، فإن لم يجد فسبعا من الغنم " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال وطء المحرم ضربان :
أحدهما : في الفرج ، والآخر دون الفرج ، فإن كان دون
الفرج لم يفسد الحج ، سواء أنزل أو لم ينزل ، وعليه " شاة " أنزل أو لم ينزل ، وكذلك لو قبل أو لمس بشهوة فعليه " شاة " وحجه مجزئ .
وقال
مالك : إن أنزل فسد حجه كالوطء في الفرج ، وإن لم ينزل لم يفسد ، استدلالا بعموم قوله تعالى :
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [ البقرة : 197 ] ، فكان الرفث يتناول الجماع في الفرج وغيره ، ثم كان الوطء في الفرج مفسدا للحج ، وجب أن يكون الوطء دون الفرج مفسدا للحج ؛ ولأنها عبادة يفسدها الوطء في الفرج ، فوجب أن يبطلها الإنزال عن المباشرة دون الفرج كالصوم .
ودليلنا ما روي عن
عمر ، وابن عباس أنهما قالا : إذا قبل المحرم امرأته فعليه شاة ، ولم يفرقا بين وجود الإنزال وعدمه ، وليس يعرف لهما مخالف : ولأنهما مما لا يتعلق الحج بشيء من جنسه ، فوجب أن لا يفسد الحج به كالمباشرة بغير إنزال : ولأنه لما استوى حكم الوطء في الفرج بين الإنزال وعدمه في أنه غير مفسد للحج ؛ ولأن الوطء في الفرج أغلظ حكما من الوطء دون الفرج ، فلم يجز أن يستوي حكمهما في إفساد الحج مع اختلافهما وتباينهما .
فأما الآية فتقتضي حظر الجماع ، وإطلاق الجماع يتناول الوطء في الفرج دون غيره ، وأما قياسه على الصوم فغير صحيح : لأن الصوم أضعف حالا من الحج : لأنه يبطل بالوطء وغير الوطء من الأكل والشرب ، فجاز أن يبطل بالوطء دون الفرج ، والحج لا يبطل بغير الوطء فجاز أن لا يبطل بالوطء دون الفرج .