فصل : وأما الفصل الثاني في رد ما قابل قدر المجاوزة من الأجرة ؛ فقد قال الشافعي هاهنا عليه دم وعليه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك ، وقال في القديم : عليه دم ولم يذكر رد شيء من الأجرة فاختلف أصحابنا فكان بعضهم يخرج ذلك على قولين ، وقد أشار إلى ذلك أبو إسحاق المروزي : أحد القولين لا يرد شيئا من الأجرة : لأن ما أخل به من الإحرام قد جبره بدم ، وكان الدم بدلا منه فلم يلزمه بدل ثان .
والقول الثاني : وهو أصح : أن عليه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك ؛ لأن الأجرة إذا كانت في مقابلة عمل معلوم لم يستحق جميعها إلا بجميع العمل ، فإذا ترك بعض العمل سقط من الأجرة ما قابله كسائر الإجارات ، فأما الدم فإنما أوجبه الشرع عليها من غير أن يكون للمستأجر فيه حق فلم يمنع ذلك من حق المستأجر .
وقال أبو علي ابن أبي هريرة : عليه أن يرد الأجرة بقدر ما ترك قولا واحدا ، وليس ترك ذكره في القديم قولا ثانيا ، فإن قيل لو تطيب الأجير في إحرامه أو حلق وكان قد أدخل في إحرامه نقصا وعليه أن يجبره بدم وليس عليه أن يرد من الأجرة شيئا فهلا كان تارك الإحرام إذا جبره بدم لم يرد من الأجرة شيئا ؟
قيل الفرق بينهما أن الطيب والحلق نقص في ثواب الحج دون عمله وقد لزمه الدم فكان جبرانا لنقصه ولم يرد من الأجرة شيئا لكمال عمله ونقص الإحرام نقص في ثواب الحج وعمله فلزمه الدم جبرانا لنقص الثواب ولزمه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك جبرانا لنقص العمل ، فإذا ثبت أن عليه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك ففي اعتباره وكيفيته قولان : أحدهما : وهو قوله في الجديد : إنه يعتبر بقسط الأجرة من الموضع الذي نص عليه دون البلد الذي خرج منه لتكون الأجرة مقسطة على أفعال الحج دون السفر الموصل إليها .
[ ص: 263 ] والقول الثاني : عليه في " الإملاء " إنه يعتبر بقسط الأجرة من بلده الذي خرج منه وعلل بأن قال : لأنه استؤجر على عمل وسفر فلم يفعل ذلك على التمام .
التالي
السابق