فصل : قد مضى الكلام في الإجارة على الحج ، فأما
الجعالة على الحج فجائزة كالإجارة ؛ لأن الجعالة أوسع حكما من الإجارة لجوازها من غير تعيين العامل فيها ومع الجهل بالحمل المقصود بها ؛ لأنه لو قال من جاءني بعبدي الآبق فله دينار كان ذلك جائزا ، وإن كان مكان ذلك العبد مجهولا والجائي به مجهولا ولا تصح الإجارة على مثل هذا فلما صحت الإجارة على الحج مع ضيق حكمها ؛ فالجعالة أولى أن تصح لسعة حكمها فإذا صح هذا ، فقد قال
الشافعي فيما نقله
المزني عنه في مسائله المنثورة ولو قال : أو من يحج عني فله مائة دينار فبادر رجل فحج عنه استحق المائة ووقع الحج عن المحجوج عنه ، وقال
المزني هذا غلط يجب أن يكون له أجرة المثل ؛ لأن الأجير إذا لم يعين فسدت الإجارة ومع فساد
[ ص: 276 ] الإجارة لا يستحق المسمى وإنما يستحق أجرة المثل . وهذا غلط من
المزني ؛ لأن
الشافعي إنما جعل له المائة ؛ لأنها جعالة وليست إجارة والجعالة تصح مع الجهل بالعامل فيها ؛ فلو قال أول من يحج عني فله ما شاء ، فهذه جعالة فاسدة ؛ للجهل بالعوض فيها ، فإن حج عنه آخر كان الحج واقعا على المحجوج عنه وكان له أجرة المثل ؛ لأن العمل المدون فيه بالجعالة الفاسدة عليه أجرة المثل ، كالمثل فيه بالإجارة الفاسدة .