فصل : وأما القسم الرابع - وهو أن
لا يعين من يحج عنه ويعين القدر الذي يحج به عنه - فهو أن يقول : أحجوا عني رجلا بمائة دينار فيكون على ما مضى من الأقسام الثلاثة :
أحدها : أن يكون يقدر أجرة المثل فيكون من رأس المال إلا أن يجعلها في الثلث ويستأجر من يحج بها من وارث أو غيره .
والثاني : أن يكون أقل من أجرة المثل ، فالواجب أن يتم أجرة المثل ويكون من رأس المال ويستأجر من يحج بها من وارث أو غيره .
والثالث : أن يكون أكثر من أجرة المثل فتكون الزيادة على أجرة المثل وصية في
[ ص: 279 ] الثلث ، ولا يجوز أن يحج بها وارث ؛ لأن فيها وصية لا تصح لوارث ، فلو قال الوارث : أنا أحج عنه بأجرة المثل دون الزيادة فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الثلث لا يحتمل شيئا من الزيادة لإحاطة الديون بالتركة ، فيجوز أن يحج عنه الوارث لبطلان قدر الوصية واستواء الوارث وغيره فيما عدا الوصية .
والضرب الثاني : أن يكون الثلث محتملا للزيادة أو بعضها ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي : إن الوارث يجاب إلى ذلك فيحج عنه بأجرة المثل وتبطل الوصية بالزيادة ؛ لأن المقصود بالوصية إسقاط الفرض بالمسمى ، فإذا أسقط ببعض المسمى كان أولى .
والوجه الثاني : وهو الصحيح عندي أنه لا يجوز إجابة الوارث إلى ذلك ويستأجر غيره بجميع المائة ؛ لأن مع الحج وصية لا تصح للوارث يجب صرفها إلى غيره ، والوصايا إذا أمكن نفاذها لم يجز إبطالها ، فهذا الكلام فيمن مات وعليه حجة واجبة : إما حجة الإسلام أو حجة نذر أو قضاء .