مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن قتل الصيد فإن شاء جزاه بمثله وإن شاء قوم المثل دراهم ثم الدراهم طعاما ثم تصدق به ، وإن شاء صام عن كل مد يوما " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال
جزاء الصيد على التخيير عند
الشافعي رضي الله عنه وبه قال
أبو حنيفة ومالك ، وحكي عن
ابن عباس والحسن البصري أنها على الترتيب ، فلا يجوز الطعام إلا بعد عدم الهدي ، ولا الصيام إلا بعد عدم الطعام ، وقد حكاه
أبو ثور عن
الشافعي في القديم ، وليس بمشهور عنه ، بل نصه في القديم والجديد والإملاء أنها على التخيير ، واستدل من أوجبها على الترتيب بأن قال : جزاء الصيد كفارة نفس محظورة ،
وكفارات النفوس مرتبة لا تخيير فيها كالكفارة في قتل الآدمي .
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى :
فجزاء مثل ما قتل من النعم ، إلى قوله :
أو عدل ذلك صياما ، وموضع لفظة " أو " في اللغة أنها تدخل في الأوامر للتخيير ، كقوله : اضرب زيدا أو عمرا ، وفي الأخبار للشك كقوله : رأيت زيدا أو عمرا ، فلما كان الخطاب أمرا وجب أن يكون المأمور مخيرا ، ولأنه إتلاف ما هو ممنوع منه بحرمة الحرام فوجب أن يكون بدله على التخيير كالحلق وفدية الأذى ، فأما اعتبارهم بكفارة القتل ، فاختلاف الأمر بهما يمنع من الجمع بينهما ، والله أعلم بالصواب .