فصل : فأما
ما لا مثل له من الصيد فهو مخير فيه بين الإطعام أو الصيام ، فمن كفر بالإطعام قوم الصيد للمقتول دراهم واشترى بالدراهم طعاما . يتصدق به ، فإن أراد الصيام صام عن كل مد يوما ، وقال
داود بن علي : ما لا مثل له من النعم غير مضمون بالجزاء ؛ لأن الله تعالى قال :
فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] ، فلما ثبت الجزاء فيما له مثل له من النعم وجب أن ينتفي الجزاء عن ما لا مثل له من النعم ، والدلالة عليه قوله تعالى :
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، فلما كان جميع الصيد بحق العموم محرما وجب أن يكون جميعه بحكم البعض مضمونا ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
في بيضة النعامة يصيبها المحرم قيمتها : والبيض لا مثل له وقد حكمت الصحابة في الحمامة بشاة وفي الجراد بالقيمة وذلك مما لا مثل له فثبت أن ذلك إجماع .
فأما استدلاله بالآية ففيها جوابان :
أحدهما : أن
جميع الصيد له مثل إلا أن المثل على ضربين :
أحدهما : مثل من جهة الصورة .
والثاني : مثل من جهة القيمة ، وجميعا مثلان للمتلف ، كما يحكم على من أتلف طعاما بمثله ، وعلى من أتلف عبدا بقيمته ، وكلاهما مثل على حسب الإمكان ، وقد أومأ
الشافعي إلى هذا المعنى في القديم ، وإن كان المشهور من قوله غيره .
والجواب الثاني : أن هذه الآية إنما دخل فيها الصيد الذي له مثل من النعم وهو قوله في كتاب الأم وغيره : وما لا مثل له لم يدخل في الجزاء المذكور في هذه الآية ولكن دخل في قوله :
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما .