فصل : فأما
ما كان فوق الحمام فهو كالفتاح والقطاة والكركي والحبارى ، فهذا وأشباهه فوق الحمام ، وفيه قولان :
[ ص: 331 ] أحدهما : وبه قال في القديم : إن فيه شاة ؛ لأنها إذا وجبت في الحمام الذي هو أصغر منها فأولى أن يجب فيها .
والقول الثاني : وبه قال في الجديد : إن فيه قيمته : لأنه وإن كان أكبر من الحمام ، وأكثر لحما منه ، فالحمام أشرف منه وأكثر ثمنا ؟ لما فيه من الإلف والهدير والصوت المستحسن والتذكير والتشويق إليه ، حتى ذكرت العرب ذلك في أشعارها ، فقال شاعر منهم :
أحن إذا حمامة بطن وج تغنت فوق مرقبة حنينا
وقال آخر :
وقفت على الرسم المحيل فهاجني بكاء حمامات على الرسم وقع
قال
الشافعي : والعرب تقول : الحمام ناس الطائر ، أي : يعقل عقل الناس ، فلما اختص الحمام بهذا ومايز ما سواه وجب أن يختص في الجزاء بوجوب الشاة مباينة لما سواه .
وقال
الشافعي - رحمه الله - : وكذلك
الدجاج الحبشي فيه الجزاء : لأنه وإن تأنس فهو وحش الأصل ، كالغزال الذي قد يتأنس ، وإن كان وحشيا . قال
الشافعي :
وطائر الماء من صيد البر ، وهو مضمون بالجزاء : لأنه وإن رعى في الماء فالبر مأواه ، وفيه يفرخ ، فأما
الإوز فما نهض منه طائرا بجناحه فهو صيد يضمن بالجزاء ، وما لم ينهض منه طائرا بجناحه فليس بصيد ، كالبط ، ولا جزاء فيه ، كما لا جزاء في الدجاج ، فأما
الحمام الأهلي الذي يسمى الداعي ، وهو ما يكون في المنازل مستأنسا ، ففيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : أنه من جملة الحمام : لانطلاق الاسم عليه ، ففيه الجزاء .
والوجه الثاني : وبه قال
أبو علي بن أبي هريرة : لا جزاء فيه : لأنه ليس بصيد ، وإنما هو أنيس كالدجاج ، فإذا أراد أن يخرج قيمة ذلك على أحد القولين ، أو قيمة ما كان دون الحمام قولا واحدا ، فعليه قيمته وقت قتله ، ثم على قولين :
أحدهما : أن عليه قيمته وقت قتله في الموضع الذي أصابه فيه .
والقول الثاني : أن عليه قيمته وقت قتله في
مكة : لأنها محل الهدي دون الموضع الذي أصابه فيه .