[ ص: 345 ] باب الإحصار
قال
الشافعي رضي الله عنه : " قال الله جل وعز :
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي وأحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالحديبية فنحر البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ( قال ) وإذا أحصر بعدو كافر أو مسلم أو سلطان بحبس في سجن " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : إذا
أحصر المحرم بحج أو عمرة : وصد عن البيت بعدو مسلم أو كافر ، فله أن يتحلل من إحرامه ؛ لما روي أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=922894النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة سنة ست في ألف وأربعمائة من أصحابه ، فصدته قريش عن البيت ، فأنزل الله تعالى :
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ، تقديره : فإن أحصرتم وحللتم فما استيسر من الهدي ، فكان التحلل مضمرا فيه : لأن الهدي لا يجب بمجرد الحصر ، وإنما يجب بالتحلل في الحصر ، فلما نزلت هذه الآية ، تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته بعد أن نحر هديه .
وروى
مالك عن
أبي الزبير عن
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922895أحصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة : ولأن
الإحصار عذر ، والخروج من العبادة بالعذر جائز ، كالصلاة وغيرها من العبادات ، كذلك الحج .
فإذا ثبت
جواز التحلل بإحصار العدو ، فسواء كان العدو كافرا أو مسلما .
وحكي عن
ابن عباس وغيره أن التحلل إنما يجوز بإحصار العدو الكافر دون المسلم : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحلل بإحصار عدو كافر ، والدلالة على ذلك عموم قوله تعالى :
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ، ولم يفرق بين حصر كافر ومسلم .
وروى
نافع عن
ابن عمر أنه خرج إلى
مكة معتمرا في الفتنة ، فقال : إن صددت عن البيت صنعت ما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأنه مصدود عن البيت فجاز له التحلل كالمصدود بعدو مشرك .