مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإذا
لم يجد هديا يشتريه أو كان معسرا ففيها قولان : أحدهما أن لا يحل إلا بهدي ، والآخر أنه إذا لم يقدر على شيء حل وأتى به إذا قدر عليه إذا أمر بالرجوع للخوف أن لا يؤمر بالمقام للصيام والصوم يجزئه في كل مكان ( قال
المزني ) القياس عنده حق وقد زعم أن هذا أشبه بالقياس ، والصوم عنده إذا لم يجد الهدي أن يقوم الشاة دراهم ثم الدراهم طعاما ثم يصوم مكان كل مد يوما .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن على المحصر تحلله هديا ، فالهدي شاة : لقوله تعالى :
فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ،
وأقل ما يجوز في الميسور شاة تجوز أضحية ، وقال
جابر : أحصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
الحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعة ، ونحرنا البقرة عن سبعة ، فإذا ثبت أن هدي الإحصار شاة ، فلا يخلو حال المحصر من أحد أمرين :
إما أن يكون واجدا للشاة ، أو عادما لها .
فإن كان واجدا لها نحرها موضعه - على ما ذكرنا - ولم يجز أن يتحلل قبل نحرها : لقوله :
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] : ولأن الهدي بدل من الأفعال التي تركها ، وهو لم يكن يتحلل إلا بها ، فكذلك الهدي الذي هو بدل لها ، فإذا ثبت أنه لا يجوز أن يتحلل قبل النحر ، فإن قلنا : إن الحلاق إباحة بعد حظر ، وليس بنسك ، فإحلاله يكون بالنحر وحده ، ولا يجزئه حتى ينحر هديه ناويا به الإحلال : لأنه ليس يتحلل بالأفعال التي انعقد عليها إحرامه فيجزئه فعلها بالنية المقدمة لها ، وإنما يتحلل بغيرها وهو الذي لم تضمنه نية إحرامه ، فافتقر في نحره إلى نية ليقع بها التميز ، ويحصل بها الإحلال ، فإذا نحر هديه فقد حل وإن قال : إن الحلاق نسك ، فإحلاله يكون بشيئين : وهما نحر الهدي ناويا ثم الحلق ، فإن نحر ولم يحلق فهو بعد على إحرامه ، فهذا حكم المحصر إذا كان واجدا لهدي .