[ ص: 362 ] باب
حصر العبد المحرم بغير إذن سيده ، والمرأة تحرم بغير إذن زوجها
( قال
الشافعي ) رضي الله عنه : وإن أحرم العبد بغير إذن سيده والمرأة بغير إذن زوجها فهما في معنى الإحصار وللسيد والزوج منعهما وهما في معنى العدو في الإحصار وفي أكثر من معناه ، فإن لهما منعهما وليس ذلك للعدو ، ومخالفون له في أنهما غير خائفين خوفه .
قال
الماوردي : أما العبد فقد ذكرنا أنه ليس له الإحرام بغير إذن سيده لأمرين :
أحدهما : أن العبد مملوك الرقبة ، مستحق المنفعة ، وفي إحرامه تعطيل لما ملك عليه من منفعته .
والثاني : أن العبد لا يلزمه الحج ، فإذا أحرم كان تطوعا ، وللسيد أن
يمنع عبده من تطوعه ، فإذا أحرم العبد ، فإن كان بإذن سيده ، لزمه تمكينه ، وإن كان بغير إذن سيده ، فالمستحب له أن يمكنه ، ويجوز أن يمنعه : لما عليه من الضرر بإحرامه ، وتعطيل ما يستحقه من منافعه ، فإذا منعه السيد ، كان عليه أن يرجع ، وله أن يتحلل : لأنه لما جاز أن يتحلل المحصر بالعدو ، وهو ممنوع بظلم ، فأولى أن
يتحلل العبد بمنع السيد ، إذ هو ممنوع بحق ، فإذا أراد الإحلال ، فلا يخلو حال سيده من أحد أمرين :
إما أن يملكه هديا ، أو لا يملكه ، فإن لم يملكه هديا فهو كالحر المعسر ، فإن قلنا : إن
دم الإحصار لا بدل له ، كان الدم في ذمته إذا أعتق وأيسر أتى به ، وهل له أن يتحلل قبل الإتيان به ؟ على قولين مضيا ، ومن أصحابنا من قال : يتحلل العبد قولا واحدا ، بخلاف الحر المعسر : لأن في بقائه على إحرامه إضرارا بسيده ، وإن قلنا : إن لدم الإحصار بدلا فبدله هاهنا الصوم : لأن العبد لا يملك شيئا ، وفي قدره ثلاثة أقاويل :
أحدها : صيام ثلاثة أيام .
والثاني : صيام عشرة أيام .
والثالث : تقوم الشاة دراهم ، والدراهم طعاما ، ويصوم عن كل مد يوما ، ثم هل يكون على إحرامه حتى يصوم أو يجوز أن يتحلل ؟ قيل : يصوم على قولين ، ومن أصحابنا من قال : يتحلل قولا واحدا ، فأما إن ملكه سيده دما ، فعلى قولين :
[ ص: 363 ] أحدهما : ينحره ولا يصوم على قوله - في القديم - : إن العبد يملك إذا ملك .
والثاني : لا يجزئه ذلك على قوله - في الجديد : إن العبد لا يملك إذا ملك .