فصل : فأما
غير المعين فضربان : مطلق ، ومقيد .
فأما المقيد فهو أن يقول : لله علي أن أهدي كذا ، فعليه أن يهدي ما سماه سواء جاز أضحية أم لا حتى لو سمى بيضة لم يلزمه غيرها ، فإن نوى هدي شيء من غير أن يتلفظ به لم يلزمه بخلاف المعين قولا واحدا .
وأما المطلق فهو أن يقول لله علي أهدي هديا ويطلق من غير أن يعينه في شيء ولا يقيده لشيء ، ففيما يلزمه بهذا الإطلاق قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم ؛ قاله في كتاب " النذور " أنه يلزمه ما يجوز في الصدقة من النعم أو من غيره من قليل أو من كثير حتى لو أهدى بيضة أو تمرة أجزأه : لأن
اسم الهدي ينطلق على النعم وغير النعم لغة وشرعا .
أما اللغة : فلأن الهدي مأخوذ من الهدية ، والهدية لا تختص بالنعم دون غيرها ، وأما الشرع ؛ فلقوله تعالى :
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة [ المائدة : 95 ] ، وقد يجب في الجزاء ما لا يجوز أضحية وقد سماه الله تعالى هديا ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في التبكير إلى الجمعة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922915ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة .
[ ص: 371 ] والقول الثاني : وهو قوله في الجديد ، وبه قال
أبو حنيفة : إنه يلزمه من النعم ما يجوز أضحية وذلك الثني من الإبل والبقر والماعز والجزع من الضأن ، فإن أهدى ما لا يجوز أضحية لم يجزه ، لأن الاسم المطلق إذا كان له حقيقة في اللغة ومعهود في الشرع وجب حمله على معهود الشرع دون حقيقة اللغة كالصلاة والصيام ، ومعهود الشرع في الهدي ما يجوز من النعم في الأضاحي دون غيرها ؛ لقوله تعالى في المتعة والإحصار :
فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ثم كان إطلاق هذا الهدي يوجب إخراج ما يجوز أضحية من النعم فكذلك إطلاق الهدي من النذر ، فعلى هذا أقل الواجب عليه شاة : إما جذع من الضأن أو ثني من المعز ، فلو
أخرج بقرة أو بدنة فهل يكون سبعها واجبا أو جميعها ؟ على وجهين :
أحدهما : أن يكون جميعها واجبا : لأن الهدي ينطلق على البدنة كانطلاقه على الشاة ، فلم يكن تخييره بينها وبين ما هو أقل منها موجبا لإسقاط الإيجاب في بعضها كالكفارات ، فعلى هذا ليس له أن يأكل شيئا منها .
والوجه الثاني : أن الواجب سبعها دون ما بقي من ستة أسباعها ؛ لأن كل سبع منها قد أقيم مقام شاة فاقتضى أن يكون الواجب ما قابل الشاة منها وباقيها تطوع ، فعلى هذا يجوز أن يأكل من ستة أسباعها ، والله أعلم .