مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان
الهدي ناقة فنتجت سيق معها فصيلها .
قال
الماوردي : وهذا كما قال إذا ساق المحرم هديا فعلى ضربين :
أحدهما : أن يوجبه على نفسه .
والثاني : أن لا يوجبه على نفسه ، فإن لم يوجبه على نفسه ولكن ساقه حتى إن احتاج إليه أخرجه ، فهذا الهدي على ملكه ، له أن يتصرف فيه ببيع أو غيره ، فإن كان الهدي بدنة فنتجت فصيلا أوشاة فنتجت جديا كان النتاج على ملكه ، وإن أوجب الهدي على نفسه فعلى ضربين :
أحدهما : أن يوجبه بالنذر وهو أن يقول :
لله علي أن أهدي هذه البدنة فتصير واجبة بالنذر من غير أن يكون للوجوب تعلق بذمته ، فهذه البدنة قد خرجت من ملكه بالنذر وصارت
[ ص: 376 ] ملكا للمساكين وهو عليها أمين فإن نتجت في الطريق لزمه أن يسوق النتاج معها : لأنه تبع لها ، كذلك الأمة إذا أعتقت ، فإن كان النتاج لا يبلغ بنفسه حمله على أمه فإن غاب الهدي في الطريق لم يضمنه وأجزأه أن ينحره معيبا ، لأن حدوث العيب كان في ملك المساكين من غير أن يتعلق لهم بذمته ضمان .
والضرب الثاني : أن يوجبه على نفسه بأن يعينه عن واجب في ذمته ؛ وهو أن يكون في ذمته هدي واجب فيقول :
لله علي أن أهدي هذه البدنة عما علي وفي ذمتي من الهدي الواجب ؛ فإذا قال ذلك تعين وجوبها عليه ولزمه أن يهديها بعينها ولم يجز أن يبدلها بغيرها ؛ كمن كان عليه عتق رقبة فقال : لله علي أن أعتق هذا العبد عما علي ، لزمه عتقه ولم يجزه غيره .
فإذا ثبت تعيين هذه البدنة عليه بدلا مما في ذمته ، فإن وصلت إلى المساكين سالمة أجزأته وإن عابت قبل وصولها إليهم لم يجزه أن يهديها معيبة عما وجب عليه ولزمه أن يهدي سليمة بدلها لتكون نائبة عما كان عليه وليس عليه أن يهديها بعد عيبها وله أن يتصرف فيها بما شاء من بيع وغيره : لأنه إنما كانت قد تعينت عليه : لأنها مع سلامتها قد كانت تجزئه عما وجب عليه ، فإذا عابت زال عنها معنى الإجزاء فزال عنها معنى الوجوب ، فلو كانت على سلامتها فنتجت فصيلا ، فهل يكون ملكا للمساكين يلزمه أن يسوقه معها أو يكون ملكا له يتصرف فيه كيف شاء ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه للمساكين وعليه أن يسوقه معها ؛ لأنها قد خرجت عن ملكه بالتعيين فوجبت أن لا يملك نتاجها كالتي خرجت من ملكه بالنذر .
والوجه الثاني : أنه ملكه ولا يلزمه سوقه كالأم ، لأن ما وجب في ذمته من حق المساكين غير مستقر فيها ؛ إذ قد تعينت فلا يسقط الوجوب فيها فلم يكن النتاج تابعا لها .