مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكذلك
كل خيار بشرط جائز في أصل العقد " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، ويريد به أن جميع ما تقدم من المسائل في عتق المشتري ، وعتق البائع ، ووطء المشتري ، ووطء البائع ، ونتاج البهيمة ، إذا حدث في خيار الثلاث ، فحكمها على ما مضى في خيار المجلس سواء .
وانتقال الملك في خيار الثلاث كانتقاله في خيار المجلس على ثلاثة أقاويل .
نحن نوضح معانيها بالتفريع عليها ، فمن ذلك :
أن يشتري أمة ، فتحيض بعد العقد وقبل تقضي الخيار ، فإن قلنا : إن المشتري لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، لم تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء .
وإن قلنا : إنه قد ملك بالعقد أو إنه موقوف مراعى ، فعلى وجهين :
أحدهما : تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لحدوثها في ملكه .
والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه في كتاب الاستبراء : أنه لا تعتد بهذه الحيضة عن الاستبراء : لأن الفرج في زمان الخيار محظور عليه ، وينبغي أن يقع الاستبراء في زمان الإباحة .
وكذا لو ولدت في زمان الخيار من زنا ، كان وقوع الاستبراء به كالحيض سواء .
فصل : وإذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ففي جواز وطئها في مدة الخيار وجهان :
أحدهما : يجوز له وطؤها : لأنها لا تخلو من أن تكون أمته أو زوجته ، وأيهما كانت ، حل له وطؤها .
والوجه الثاني : وهو ظاهر نص
الشافعي : لا يجوز له وطؤها ، قال
الشافعي : لأنه لا يدري أيطأ بالملك أم بالزوجية ؟
فإن تم البيع بينهما ، بطل نكاحها ، وصارت أمة يجوز له وطؤها ، وهل عليه أن يستبرئها قبل وطئه أم لا ؟ على وجهين مبنيين على الوجهين ، هل حرم عليه وطؤها بعد العقد وقبل مضي الخيار أم لا ؟ .
فإن قيل : قد حرم عليه وطؤها ، وجب عليه الاستبراء ، لحدوث الملك .
وإن قيل : لا يحرم عليه وطؤها ، لم يجب عليه الاستبراء .
وإن انفسخ البيع بينهما :
فإن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو أنه موقوف مراعى ، فالنكاح بحاله ، وهما على الزوجية .
[ ص: 63 ] وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي فسخ النكاح وجهان :
أحدهما : ينفسخ لوقوع ملكه .
والثاني : وهو ظاهر مذهبه : أن النكاح بحاله لا ينفسخ ، : لأن ملكه وإن تم فهو ملك غير مستقر .
فصل :
إذا اشترى الرجل زوجته الأمة ، ثم طلقها ثلاثا في مدة الخيار ؟
فإن تم البيع بينهما ، لم يقع الطلاق ، إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو هو موقوف ، وإن قيل : لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، ففي وقوع الطلاق وجهان :
أحدهما : لا يقع ، لما ذكرنا ، ويحل له وطؤها .
والثاني : قد وقع ، ولا يحل له وطؤها إلا بعد زوج .
وإن انفسخ البيع بينهما ، وقع الطلاق ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .
وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي وقوع الطلاق وجهان . والله أعلم .
فصل : وإذا اشترى زوجته الأمة ، وكان قد طلقها قبل العقد فراجعها في مدة الخيار :
فإن تم البيع ، لم يكن للرجعة تأثير : لأن النكاح قد انفسخ .
وإن انفسخ البيع بينهما ، صحت الرجعة ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .
فإن قيل : قد ملك بنفس العقد ، ففي صحة الرجعة وجهان .