قال
الماوردي : وهذا صحيح . والربا ضربان : نقد ، ونساء .
وأما النساء : فهو
بيع الدرهم بالدرهمين إلى أجل ، وهو المعهود من ربا الجاهلية والذي قد أجمع على تحريمه جميع الأمة .
وأما النقد : فهو
بيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد ، فمذهب جمهور الصحابة وكافة الفقهاء تحريم ذلك كالنساء ، وذهب خمسة من الصحابة إلى إحلاله وإباحته وهم :
عبد الله بن عباس ،
وعبد الله بن الزبير ،
وأسامة بن زيد ،
وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب تعلقا بخبرين :
أحدهما : ما استدل به
ابن عباس أن
أسامة بن زيد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922978 " إنما الربا في النسيئة " . فلما أثبت الربا في النسيئة دل على انتفاء الربا في النقد .
والثاني : ما رواه
عمرو بن دينار عن
أبي المنهال قال : باع
شريك لي دراهم بدراهم
بالكوفة وبينهما فضل . فقلت : ما أراه يصلح هذا . فقال : لقد بعتها في السوق فما عاب علي ذلك أحد ، فأتيت
البراء بن عازب ، فسألته ، فقال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة وتجارتنا كذا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922980ما كان يدا بيد فلا بأس به ، وما كان نسيئة فلا خير فيه " . وأتيت زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة منا ، فأتيته فسألته فقال لي مثل ذلك . وهذا نص .
والدلالة على تحريم ذلك أربعة أحاديث :
أحدها : حديث
عبادة بن الصامت المقدم ذكره في صدر الباب .
وقوله : " إلا سواء بسواء يدا بيد " .
والثاني : حديث
أبي المتوكل عن
أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922981 " الفضة بالفضة والذهب بالذهب سواء بسواء فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، الآخذ والمعطي سواء " .
والثالث : حديث
مالك بن عامر عن
عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922982 " لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين " .
[ ص: 77 ] والرابع : حديث
سعيد بن يسار عن
أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922983 " الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما " .
وأما حديث
أسامة وقوله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922978إنما الربا في النسيئة " ففيه جوابان :
أحدهما : وهو جواب
الشافعي : أنه جواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لسائل سأله عن التفاضل في جنسين مختلفين ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922978إنما الربا في النسيئة " ، فنقل
أسامة جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأغفل سؤال السائل .
والثاني : أنه محمول على الجنس الواحد يجوز التماثل فيه نقدا ولا يجوز نسيئة .
على أن
ابن عباس المستدل بحديث
أسامة رجع عن مذهبه حين لقيه
أبو سعيد الخدري وقال له : يا
ابن عباس ، إلى متى تأكل الربا وتطعمه الناس . وروى له حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال
ابن عباس : يا أيها الناس ، إن هذا ربا كان مني ، وإني أستغفر الله وأتوب إليه . وأما حديث
أبي المنهال عن
البراء بن عازب وزيد بن أرقم فمنسوخ : لأنه مروي عن أول الهجرة وتحريم الربا متأخر .