فصل : وأما
العظم ، والقرن ، والسن ، والظفر ، والخف ، والحافر فضربان :
[ الأول ] : ضرب أخذ من غير مأكول فهو نجس إذ لا أصل لطهارة أجزائه .
و [ الثاني ] : وضرب أخذ من مأكول اللحم ، فإن كان بعد الذكاة فهو طاهر ، لأن الذكاة قد طهرت جميع أجزائه سوى دمه ، وحكي عن بعض الشاذة أنه قال بطهارة دمه ، وهذا قول مدفوع بالنص والإجماع .
فأما المأخوذ منه بعد موته فنجس لما دللنا ، وكذا المأخوذ منه في حياته لرواية
أبي واقد الليثي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920605ما قطع من حي فهو ميت " . فإن قيل : فهلا كان المأخوذ منه في حياته طاهرا كالشعر .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الشعر طاهر بارز فصار كالمتميز ، والعظم باطن كامن يجري مجرى اللحم والشحم .
والثاني : أن الشعر يستخلف ، وفي أخذه منفعة فصار باللبن أشبه ، والعظم لا يستخلف وفي أخذه مضرة بالأعضاء وإذا نجس
العظم لا يطهر بالدباغة ، ولا بالغسل ، ولا
[ ص: 74 ] بالطبخ ، وحكي عن
الليث أن
العظم النجس إذا طبخ حتى خرج دهنه صار طاهرا ، وهذا خطأ ، لأن
عظم الميتة نجس الذات فلم يطهر بفراق ما جافره من الدهن ، ولا يجوز استعماله في شيء من الذائبات لكن يجوز في اليابسات ، ويجوز وقوده في النار تحت القدور ، وفي التنانير ، واختلف أصحابنا في نجاسة دخانه ودخان سائر النجاسات الموقدة على وجهين :
أحدهما : أنه طاهر : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح
الاستصباح بالزيت النجس مع علمه بحال دخانه .
والوجه الثاني : أنه نجس : لأنه حادث عن عين نجسة ،
والنار لا تطهر النجاسة ، فعلى هذا
هل يعفى عنه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يعفى عنه للحوق المشقة في التحرز منه واعتبارا بالعرف المستعمل فيه .
والوجه الثاني : أنه لا يعفى عنه : لأن نجاسته نادرة فكان التحرز منهما ممكنا فعلى هذا لو
حصل في تنور مسجور وجب مسحه قبل الخبز فيه : فإن مسحه بخرقة يابسة طهر ، لأنها نجاسة يابسة زالت عنه بالمسح ، وإن مسحه بخرقة رطبة لم يطهر إلا بالغسل .