مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا خير في
التحري فيما في بعضه ببعض ربا " .
قال
الماوردي : اختلف أصحابنا في مراد
الشافعي بهذه المسألة : فذهب بعضهم إلى أنه أراد به مالكا ، حيث جوز بيع خل التمر بخل التمر إذا تحرى فيه خلال بصير بصنعته ، فأخبر أن ما في أحدهما من الماء مثل ما في الآخر .
فرد عليه جواز التحري فيه ومنع من بيعه بكل حال : لأن التحري تخمين واليقين معدوم ، وتجويز التفاضل محظور .
وقال آخرون ، منهم
ابن أبي هريرة : أنه أراد به ردا على
مالك في تجويزه
لأهل البادية أن يتابعوا البر بالبر تحريا واجتهادا في التماثل من غير كيل ، وكذلك كل مكيل ، ومنعهم من التحري في الموزون : استدلالا بأن أهل البادية تعوزهم المكاييل ، فاضطروا إلى التحري والاجتهاد فيه ، كما جاز التحري في بيع العرايا من غير كيل للضرورة فيه .
[ ص: 113 ] وهذا خطأ لمخالفة النص ومفارقة القياس .
روى
أبو الزبير عن
جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=923004نهى عن بيع الصبرة من الطعام بالصبرة ما لم يدر كيل هذه وكيل هذه " . وهذا نص .
ولأن
كل ما حرم فيه التفاضل لم يجز أن يدخله التحري في التماثل كأهل الحضر ، ولأن كل تحر في تماثل جنس يمنع منه أهل الحضر ، يمنع منه أهل البادية كالموزون . وأما الجواب عن استدلالهم بالضرورة عند فقد المكيال ففاسد بفقد الميزان الذي لا يستبيحون معه التحري في الموزون ، وخالف العرايا : لأن كيل ما على رءوس النخل غير ممكن .