مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " ولا خير في مد حنطة فيها قصل أو زوان بمد حنطة لا شيء فيها من ذلك : لأنها حنطة بحنطة متفاضلة ومجهولة ، وكذلك كل ما اختلط به إلا أن يكون لا يزيد في كيله من قليل التراب وما دق من تبنه ، فأما الوزن فلا خير في مثل هذا " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . أما القصل فهو عقد التبن التي تبقى في الطعام بعد تصفيته ، وأما الشيلم والزوان فهما حبتان تنبتان مع الطعام .
فإذا
باع طعاما فيه قصل أو زوان أو يسلم بطعام ليس فيه شيء من ذلك ، كان البيع باطلا : لحصول التفاضل في الطعام بالطعام ، وكذلك لو باع طعاما فيه قصل أو زوان بمثله مما هو فيه قصل أو زوان لم يجز : لعدم التماثل في الطعام بالطعام .
فأما
يسير التراب وما دق من التبن إذا حصل في الطعام فبيع بمثله كيلا جاز : لأن هذا لا يؤثر في المكيال : إذ الطعام إذا كيل حصل بين الحب خلل لا يمتلئ بشيء من الطعام لضيقه . فإذا حصل في الطعام يسير التراب صار في ذلك الخلل فلم يكن له تأثير في الكيل .
قال
الشافعي : فأما الوزن فلا خير في مثل هذا . وليس يريد الطعام : لأن بيع الطعام بالطعام وزنا لا يجوز بحال ، وإنما يريد به ما يوزن من
الورق والذهب إذا بيع بعضه ببعض وفيهما أو في أحدهما يسير من التراب لم يجز : لأن لقليل التراب تأثيرا وإن لم يكن له تأثير في المكيال .
فصل : وأما
بيع العلس بالعلس فلا يجوز إلا بعد إخراجه من قشرته لجواز أن تكون
[ ص: 120 ] قشرة أحدهما أكثر من قشرة الأخرى فيؤدي إلى التفاضل فيه . وكذلك بيعه بالحنطة قبل تقشيره : لأنه صنف منها ، ولكن يجوز بيعه بالشعير : لأنهما جنسان يجوز فيهما التفاضل .
فأما
بيع الأرز بالأرز قبل إخراجه من القشرة العليا لا يجوز كالعلس ، فأما بعد إخراجه من القشرة العليا وقبل إخراجه من القشرة الثانية الحمراء ، فقد كان بعض أصحابنا يمنع من بيعه فيها بمثله ويجعل النصاب فيه عشرة أوسق كالعلس .
وذهب سائر أصحابنا إلى أن هذه القشرة الحمراء اللاصقة به تجري مجرى أجزاء الأرز : لأنه قد يطحن معها ويؤكل أيضا معها ، وإنما يخرج منها متناهيا في استطابته كما يخرج ما لصق بالحنطة من النخالة ، ثم لم يكن ذلك مانعا من بيع الحنطة بالحنطة .
وكذلك الأرز في بيعه بالأرز مع قشرته الحمراء ونصابه في الزكاة خمسة أوسق معها كالحنطة مع قشرتها الحمراء .