الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ضابط الماء المستعمل

فإذا ثبت ما وصفنا في حكم الماء المستعمل فهو ما انفصل عن الأعضاء حتى سقط في الإناء فأما إذا جرى من عضو إلى عضو فإن كان محدثا صار بانتقاله من أحد أعضاء حدثه مستعملا فإذا انتقل إلى عضو آخر لم يطهره : لأن كل واحد من أعضاء الحدث قد ينفرد بحكمه ، وإن كان جنبا فهل يصير بانتقاله عن العضو إلى غيره مستعملا ؟ على وجهين :

أحدهما : أنه صار مستعملا فلا يرفع جنابة العضو الذي انتقل إليه كالمحدث .

والوجه الثاني : وهو الأصح أنه لا يصير مستعملا بانتقاله إلى العضو الثاني حتى ينفصل عن جميع الجسد ، لأن بدن الجنب كالعضو الواحد من أعضاء المحدث ، ولذلك سقط الترتيب فيه ثم ثبت أن العضو الواحد إذا انتقل الماء من بعضه إلى بعض حتى عم جميعه لم يصر مستعملا حتى ينفصل عنه كذلك في بدن الجنب ، فلو غسل المحدث رأسه كان فيما سقط عن رأسه من الماء وجهان حكاهما ابن أبي هريرة أحدهما أنه غير مستعمل : لأن المستحق في الرأس مسحه بالبلل الباقي عليه فلم يصير الفاضل من غسله مستعملا فيه ؟ .

والوجه الثاني : أن يكون مستعملا : لأن الاكتفاء ببعض الماء إذا حصل متعديا بالاستعمال إلى ما هو أكثر منه لا يمنع من كونه مستعملا ألا ترى أن من كان يكفيه مد [ ص: 301 ] لوضوئه لو استعمل صاعا فصار الصاع مستعملا وإن كان ببعضه مكتفيا كذلك في غسل الرأس بدلا من مسحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية