مسألة : قال
الشافعي ، رحمه الله تعالى : " كما لو باعه حنطة ، فانثالت عليها حنطة ، فله الخيار في أن يسلم له الزيادة أو يفسخ لاختلاط ما باع بما لم يبع ( قال
المزني ) هذا عندي أشبه بمذهبه إذا لم يكن قبض : لأن التسليم عليه مضمون بالثمن ما دام في يديه ولا يكلف ما لا سبيل له إليه ( قال
المزني ) قلت أنا : فإذا كان بعد القبض لم يضر البيع شيء لتمامه ، وهذا المختلط لهما يتراضيان فيه بما شاءا : إذ كل واحد منهما يقول لا أدري ما لي فيه ، وإن تداعيا فالقول قول الذي كانت الثمرة في يديه والآخر مدع عليه " .
قال
الماوردي : وصورتها فيمن
ابتاع طعاما مختلطا بطعام للبائع فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون ذلك قبل القبض .
[ ص: 175 ] والثاني : بعده .
فإن كان ذلك قبل القبض فلا يخلو حال الطعام من أحد أمرين :
إما أن يكون معلوم القدر ، أو غير معلوم القدر ، فإن كان غير معلوم القدر ، كان كالثمرة المبيعة إذا اختلطت بثمرة حادثة ، فيكون في البيع قولان :
أحدهما : باطل .
والثاني : جائز . فإن تراضيا واتفقا وإلا فسخ البيع بينهما .
وإن كان معلوم القدر ، وذلك يكون بأحد ثلاثة أوجه :
إما أن يكون المبيع معلوم الكيل ، فيعلم بعد استيفاء كيل المبيع قدر ما ليس بمبيع .
وإما أن يكون المبيع غير معلوم الكيل وغير المبيع معلوم القدر ، فيعلم بقدر استيفاء كيل ما ليس بمبيع قدر المبيع .
فإذا كان المبيع معلوم القدر بأحد هذه الأوجه الثلاثة ، فقد صار مختلط العين متميز القدر ، وكان تميز القدر يمنع من الجهالة ، وهو أقوى المقصودين منه فصح البيع ، وكان اختلاط العين مغيرا للصفة مع تقارب الأجزاء فصار عيبا يوجب الخيار ، فوجب أن يكون البيع جائزا وللمشتري الخيار ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن أقام صار شريكا للبائع فيه على قدر الحصتين ، فإن كان الطعامان متماثلي القيمة تقاسماه كيلا ، وإن كانا مختلفي القيمة بيع وكانا شريكين في ثمنه على قدر قيمة الطعامين إلا أن يتراضيا بقسمة ذلك كيلا على الحصص دون القيم فيجوز .