الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا ابتاع أرضا مزروعة ، وشرط دخول الزرع في البيع ، فلا يخلو حال الزرع من أحد أمرين :

- إما أن يكون قد اشتد وبلغ الحصاد أو لا .

- فإن لم يبلغ حال الحصاد وكانت بقلا أو قصيلا صح البيع في الأرض والزرع ، ولا يلزم في الزرع اشتراط القطع : لأنه دخل في العقد تبعا للأرض فقد الغرر به ، فسقط اشتراط القطع فيه ، وصار كالثمرة التي لم يبد صلاحها إذا بيعت مع نخلها صح العقد ، وإن لم يشترط فيها القطع .

وإن كان الزرع قد اشتد واستحصد فهو على ضربين :

أحدهما : أن يكون مشاهد الحب ليس دونه حائل يمنع من رؤيته كالشعير ، فالبيع فيه صحيح : لأنه لما جاز بيع هذا الزرع منفردا فأولى أن يجوز بيعه تبعا .

والضرب الثاني : أن يكون الزرع غير مشاهد الحب بكمام يمنع من رؤيته ، كالحنطة والعدس ، ففي بيعه لو كان مفردا قولان :

أحدهما : يجوز ، فعلى هذا بيعه مع الأرض أولى أن يجوز .

والثاني : بيعه لا يجوز ، فعلى هذا في جواز بيعه تبعا للأرض وجهان :

أحدهما : يجوز : لأن ما كان في البيع تبعا لغيره جاز فقد رؤيته وجها له قدرة كأساس البناء ولبن الضرع .

والوجه الثاني : أن البيع فيه باطل : لأنه وإن كان تبعا لغيره ، فهو مقصود في نفسه بخلاف الأساس واللبن .

فإذا بطل البيع في الزرع ، ففي بطلانه في الأرض قولان في تفريق الصفقة .

ومن أصحابنا من أبطله في الأرض قولا واحدا للجهل بحصة ما قابل الزرع المجهول من الثمن ، وهذا من اختلاف أصحابنا في تعليل تفريق الصفقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية