الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الضرب الثاني ، وهو أن يبيعها جملة من غير اشتراط الزكاة فيها ، فهي مسألة الكتاب ، والبيع في قدر الزكاة على قولين مبنيين على اختلاف قوليه في الزكاة ، هل وجهت في الذمة أو في العين :

أحدهما : أنه باطل إذا قيل بوجوب الزكاة في العين وجوب استحقاق .

والقول الثاني : أنه جائز إذا قيل بوجوب الزكاة في الذمة من غير أن تكون مرتهنة بالعين .

فإذا قيل : إن البيع في قدر الزكاة جائز ، فهو في الباقي أجوز .

وإذا قيل : إنه في قدر الزكاة باطل ، ففي بطلانه في الباقي قولان من تفريق الصفقة ، فعلى هذا يكون للمشتري فيه الخيار لتفريق الصفة عليه ، فإن أحب الفسخ رجع بالثمن ، وإن أقام على البيع فيما بقي بعد قدر الزكاة فعلى قولين :

أحدهما : يقيم عليه بجميع الثمن .

والثاني : بحسابه من الثمن وقسطه .

فأما المزني رحمه الله فإنه لما رأى الشافعي رضي الله عنه جوز البيع هاهنا فيما سوى الزكاة ، وأبطله على أحد القولين في كتاب الزكاة اعترض عليه في إغفال القول الآخر ، وهذا اعتراض في غير موضعه : لأن الشافعي رضي الله عنه إذا كان له قولان في مسألة ، فليس يلزمه إعادتهما في كل موضع ، فإذا فرع على أحدهما لم يكن رجوعا عن الآخر . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية