[ ص: 212 ] فصل : [ القول في
بيع المزابنة ]
وأما
المزابنة فهي بيع الرطب على نخله بتمر في الأرض ، والمزابنة في كلامهم المدافعة ، ولهذا سموا زبانية : لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار ، وقالوا زبنت الناقة برجلها إذا دفعت قال الشاعر :
ومستعجب مما يرى من أناتنا فلو زبنته الحرب لم يترمرم
فسمي بيع الرطب بالتمر مزابنة : لأنه قد دفع التمر بالرطب ، وبيعه لا يجوز لعلة واحدة وهي حدوث الربا بعدم تماثله ، ويجوز بالدراهم لعدم هذه العلة ، ثم هكذا بيع العنب في كرمه بالزبيب لا يجوز ، وكذا بيع سائر الثمار في شجرها بجنسها يابسة ، لا يجوز .
واختلف أصحابنا هل كان بيعها غير جائز لدخولها في اسم المزابنة أو قياسا عليها ، وهكذا اختلفوا في سائر الزروع هل منع من بيعها بجنسها لدخولها في المحاقلة أو قياسا عليها فأحد الوجهين ، وهو ظاهر مذهب
الشافعي - رحمه الله - أن بيع ذلك لم يجز لدخول سائر الثمار في اسم المزابنة ، ودخول سائر الزروع في اسم المحاقلة ، وكان تحريمه نصا لا قياسا .
والوجه الثاني : وهو مذهب
أبي علي بن أبي هريرة أن النص في المحاقلة والمزابنة مختص بالحنطة والنخل ، وسائر الزروع مقيسة على الحنطة في المحاقلة ، وسائر الثمار مقيسة على النخل في المزابنة ، فكان تحريمه قياسا لا نصا ، وأما المخابرة فهو استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، وله باب . فأما المعاومة فهو في معنى بيع السنين فسنذكره ، وأما بيع الثنيا فقد مضى ، وأما العرايا فتأتي . والله أعلم .