مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : ولا بدهن في عظم فيل ، واحتج بكراهية
ابن عمر لذلك .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
والفيل في الأصل طاهر الخلقة حيا .
وقال
أبو حنيفة : هو نجس ، لأنه سبع ، والسباع عنده نجسة والكلام معه يأتي .
وهو غير مأكول . وقال
مالك : هو مأكول والكلام معه يأتي من الدليل عليه حديث ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920606نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطيور " .
والفيل من أعظمها نابا ، وبيعه إن كان منتفعا به جائز ، وإن كان غير منتفع به فباطل ، لأنه من أكل المال بالباطل .
فأما إذا مات أو ذكي فالحكم فيهما قد عم سوى ، وكله نجس لا يطهر شيء منه إلا جلده بالدباغة ، وحكى عن طائفة أن جلده لا يطهر بالدباغ لثخنه ، وأن الدباغة لا تصل إلى
[ ص: 75 ] باطنه ، وهذا خطأ لما فيه من دفع العيان من وصول الدباغة إليه فتأثيرها فيه مع العموم المشتمل عليه .
فأما عظمه ونابه الذي هو العاج فنجس لا يطهر بحال .
وقال
أبو حنيفة : هو طاهر سواء مات أو ذكي بناء على أصله في أن العظم لا تحله الحياة .
وقال
مالك : إن ذكي كان عظمه طاهرا ، لأنه مأكول عنده وإن مات كان نجسا ، لأن العظم تحله الحياة عنده ، وكلا المذهبين فاسد ، وما مهدنا من الأصول كاف .
فإذا ثبت أنه نجس فلا يطهر بحال .
وقال
إبراهيم النخعي : طهارة العاج خرطه ، فإذا خرط صار طاهرا .
واستدل بأنه
في جهاز فاطمة سواران من عاج .
وهذا غلط : لأن جملة العين نجسة ،
والعين النجسة لا تطهر بذهاب بعض الجملة وبقاء بعضها ، وما روي أنه كان في جهاز
فاطمة عليها السلام سواران من عاج ، فقد قيل : إنه من عظم بعير .
وقيل : من ذبل وهو عظم سمكة في البحر سمي عاجا لبياضه .
فأما استدلال
الشافعي بكراهة
ابن عمر فهي كراهة تحريم ، لأن
عمرو بن دينار روى أنه كره ، لأنه ميتة وإنما خص
الشافعي عظم الفيل بالذكر وإن كان داخلا في عموم ما بينه من عظم ما لا يؤكل لحمه للخلاف فيه وكثرة الاستعمال له ، فعلى هذا لو
أخذ رجل إناء من عاج واستعمله في الذائبات صار نجسا إلا أن يكون قلتين من ماء ، وإن استعمله في يابس كرهناه وإن كان جائزا ،
ولو اتخذ مشطا من عاج ثم سرح به شعره كرهناه ، وإن استعمله وكان المشط أو الشعر نديا فقد نجس ، ووجب غسل شعره وإن كان يابسا جاز .