مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن كانت بكرا فافتضها لم يكن له أن يردها ناقصة كما لم يكن عليه أن يقبلها ناقصة ، ويرجع بما بين قيمتها معيبة وصحيحة من الثمن " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
إذا كانت الجارية المعيبة بكرا ، فافتضها المشتري وأذهب بكارتها ، ثم وجدها معيبة فأراد ردها ، لم يكن ذلك له : لأن إذهاب البكارة نقص فيها من وجهين :
أحدهما : في البدن .
والثاني : في الثمن ، وإذا لم يكن له الرد كان له الرجوع بالأرش ، ليصير إلى بدل ما ظهر عليه من النقص ، واعتبار الأرش أن تقوم الجارية وهي لا عيب بها في أول حالتها فيه من
[ ص: 248 ] وقت العقد إلى وقت القبض : لأنه إن حدث بها بعد العقد وقبل القبض نقص كان مضمونا على البائع ، وإن حدث زيادة كانت ملكا للمشتري ، ولذلك وجب تقويمها في أول الحالين قيمة . فإذا قيل : قيمتها في تلك الحال بكرا لا عيب بها مائة دينار ، قومت بكرا وبها ذلك العيب ، فإذا قيل : قيمتها تسعون دينارا كان ما بين القيمتين من النقص عشرة دنانير ، وهي عشر القيمة ، فيرجع المشتري على البائع بعشر الثمن ، ولا يرجع بعشر القيمة لأمرين :
أحدهما : أن الثمن وما زاد على القيمة أو نقص فلو كان الأرش معتبرا من القيمة ، لكان ربما استوعب الثمن إن كان ناقصا ، أو لم يؤثر فيه إن كان زائدا .
والثاني : أنه لما كان جميع المبيع في مقابلة جميع الثمن ، وجب أن تكون أجزاؤه الناقصة في مقابلة أجزاء الثمن ، فإذا كان كذلك نظر قدر الثمن ، فإن كان خمسين دينارا رجع المشتري بعشرها ، وذلك خمسة دنانير ، وإن كان مائتي دينار رجع بعشرها وذلك عشرون دينارا .