فصل : وإذا
ثبت تقدم العيب كان رد المشتري معتبرا بثلاثة شروط :
أحدها : أن لا يكون قد علم بالعيب قبل العقد ، فلو كان قد علم به ولم يعلم أنه عيب يوكس الثمن ويوجب الفسخ ، فلا رد له : لأنه كان يمكنه عند رؤيته أن يسأل عنه ، ولأن استحقاق الرد حكم والجهل بالأحكام لا يسقطها ، فلو كان شاهد العيب قديما ، وقال : ظننت أنه قد زال ، فلا تأثير لهذا القول ولا رد له : لأن الأصل بقاء العيب .
والشرط الثاني : تعجيل الرد بعد علمه بالعيب على الفور حسب الإمكان المعتاد ، فلو وقف على العيب ليلا لم يلزمه رده في الحال حتى يصبح اعتبارا بالعرف ، ولو علم به وهو ممنوع بغيبة أو مرض كان على حقه إلى أن يزول المنع ، فلو بادر برده حين علم بعيبه فلقي البائع ، وأقبل على محادثته ، ثم أراد الرد فلا رد له : لأن أخذه في الكلام مع إمساكه عن الرد إسقاط لحقه منه ولو كان حين لقيه رده عليه قبل سلامه عليه كان له ذلك ، ولو رده بعد سلامه فقد حكي عن
محمد بن الحسن أن لا رد له حتى يرد قبل السلام : لأن السلام اشتغال بغير الرد كالكلام ، وهذا غير صحيح بل له الرد وسلامه لا يمنع منه لجريان العرف أدبا وشرعا به ، ولأن السلام قريب لا يطول به الزمان ولا تنقطع به الموالاة .
والشرط الثالث : أن لا يستعمل المبيع بعد علمه بعيبه : لأن الاستعمال ينافي الرد ، فإن استعمله بطل حقه من الرد والأرش معا إلا أن يكون يسيرا جرت العادة بمثله في غير ملكه ، كقوله للجارية المبيعة وقد وقف على عيبها أغلقي الباب أو ناوليني الثوب ، فلا يكون هذا اليسير وما جرى مجراه مانعا من الرد : لأن العرف جار بمثله في غير ماله ، فلو
كان المبيع دابة فحين علم بعيبها ركبها لردها ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون هذا الركوب مانعا من الرد بالعيب على وجهين :
أحدهما : لا رد له : لأنه تصرف لم تجر به العادة في غير ملك إلا بإذن المالك .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي العباس بن سريج : له الرد : لأن الركوب عجل له في الرد ، وأصلح للدابة من القود ، ولكن لو كان المبيع ثوبا فحين وقف على عيبه لبسه ليرده على بايعه لم يجز ، وكان هذا اللبس مانعا من الرد بالعيب : لأن العادة لم تجر به ، ولأنه لا مصلحة للثوب في لبسه ، ولو كان لابسا للثوب فوقف على عيبه في الطريق فتوجه ليرده مستديما للبسه جاز ، ولم يمنعه ذلك من الرد ، وإن العادة لم تجر في الطريق بنزعه .
[ ص: 262 ]