باب البيع مرابحة
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " فإذا باعه مرابحة على العشرة واحد ، وقال قامت علي بمائة درهم ، ثم قال : أخطأت ولكنها قامت علي بتسعين ، فهي واجبة للمشتري برأس مالها وبحصته من الربح " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
وجملة البيوع ثلاثة : بيع مساومة ، وبيع مرابحة ، وبيع مخاسرة . فأما
بيع المساومة فمتفق على جوازه ، وهو أن يستام البائع سلعته بمائة درهم ويطلبها المشتري بثمانين درهما ، ثم يتقرر الثمن بينهما بعد المماكسة على تسعين درهما . وأما
بيع المرابحة فصورته أن يقول : أبيعك هذا الثوب مرابحة على أن الشراء مائة درهم ، وأربح في كل عشرة واحدا ، فهذا بيع جائز لا يكره . وحكي عن
عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنهما كرها ذلك مع جوازه .
وحكي عن
إسحاق بن راهويه أنه أبطله ومنع من جوازه : استدلالا بأن الثمن مجهول ، وإن كذبه في إخبار الشراء غير مأمون . والدليل على جوازه عموم قوله تعالى
وأحل الله البيع وحرم الربا [ البقرة : 275 ] ولأن
الثمن في بيع المرابحة معلوم كما أنه في بيع المساومة معلوم ، إذ لا فرق بين قول : بعتك هذا الثوب بمائة وعشرة ، وبين قوله : بعتك بمائة وربح كل عشرة واحد ، وأن كلا الثمنين مائة وعشرة وإن اختلفت العبارتان ، كما لا فرق بين قوله : بعتك هذا الثوب بتسعين ، وبين قوله : بمائة إلا عشرة ، في أن كلا الثمنين تسعون وإن اختلفت العبارتان ، ولا وجه لما ذكر من جهالة الثمن : لأن مبلغه وإن كان مجهولا حال العقد فقد عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد ، وذلك لا يمنع من صحة العقد ، كما لو باعه صبرة طعام كل قفيز بدرهم صح البيع ، وإن كان مبلغ الثمن مجهولا وقت العقد : لأنهما عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد . ولا وجه لما ذكر بأن كذب البائع في الثمن غير مأمون : لأن الظاهر صدقه إذ أثبت حكما بذكره . على أن المروي عن
ابن عباس أنه كره قولهم : ده ذوازده . وفيه تأويلان :
أحدهما : أنه كره عقدهم بالأعجمية وعدولهم عن العربية .
والثاني : كره يحمل ذلك منهم على بيع الدراهم في جواز العشرة بالاثني عشرة .
[ ص: 280 ]