فصل : إذا قلنا إن
تفريق الصفقة يجوز بطل البيع في الحرام ولم يبطل في الحلال ، وكان للمشتري الخيار لأجل تفريق الصفقة عليه بين المقام على الحلال أو فسخ البيع فيه ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن أقام اعتبر حال الحرام المضموم إليه في الصفقة ، فإن لم يكن مالا ولا في حكم المال كالميتة والخمر والخنزير كان للمشتري أن يتمسك بالحلال بجميع الثمن ، وإن كان المضموم إليه مالا كالمغصوب أو المجهول أو كان في حكم المال كأم الولد
[ ص: 295 ] والوقف ، أو يمكن أن يقوم تقويم المال كالحر ، فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون مما يتقسط الثمن على قيمته ، ففيه قولان :
أحدهما : أنه يقيم على الحلال بجميع الثمن لأمرين :
أحدهما : أن الحرام ما لم يتناوله العقد فلم يقابله شيء من الثمن ، وصار جميعه ثمنا لما تضمنه العقد من الحلال . والثاني : أن ما خرج من الصفقة من الحرام نقص في المبيع كعبد قطعت يده قبل التسليم ، فيكون لمشتريه الخيار في الفسخ أو المقام عليه بجميع الثمن ، فعلى هذا القول إن اختار المشتري أن يقيم على الحلال بجميع الثمن فلا خيار للبائع : لأنه لما رضي أن يأخذ الثمن على شيئين فأولى أن يرضى بأخذه عن أحدهما .
والقول الثاني ، وهو أصح : أن يقيم على الحلال بحسابه من الثمن ، وقسطه : لأنهما جعلا الثمن في مقابلة الحلال والحرام فلم يجز أن يجعل الثمن في مقابلة الحلال وحده دون الحرام : لأنه غير ما تضمنه بذل البائع وقبول المشتري ، فعلى هذا القول إن اختار المشتري المقام على الحلال وأخذه بحسابه من الثمن وقسطه فهل يكون للبائع الخيار أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : له الخيار لأجل ما يدخل عليه من نقص الثمن .
والوجه الثاني : لا خيار به : لأن نقص الثمن الداخل عليه في مقابلة بعض المبيع الباقي معه ، فحصل من هذا أن
الحلال المضموم في الصفقة إلى الحرام ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يأخذه بجميع الثمن ، وهو أن يكون مضموما إلى ما ليس بمال .
والثاني : أن يأخذه بحصته من الثمن ، وهو أن يكون مضموما إلى ما يتقسط الثمن على أجزائه ،
والثالث : ما يكون فيما يأخذه به قولان وهو أن يكون مضموما إلى مال يتقسط الثمن على قيمته .