مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو
اشترى زرعا واشترط على البائع حصاده كان فاسدا " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح . إذا
اشترى منه زرعا بدينار على أن على البائع حصاده ، قال
الشافعي : كان هذا فاسدا . واختلف أصحابنا فكان
أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين : لأنه عقد واحد قد جمع بيعا وإجارة ، وقد اختلف قول
الشافعي في
العقد الواحد إذا جمع شيئين مختلفين في الحكم ، كبيع وإجارة ، أو بيع وصرف ، فأحد القولين أنه جائز فيهما جميعا لجواز كل واحد منهما على الانفراد فجاز مع الاجتماع ، والثاني : أن العقد باطل فيهما جميعا : لأن لكل واحد منهما حكما مخالفا لحكم الآخر ، فلم يصحا مع الاجتماع لتنافي حكمهما .
وقال سائر أصحابنا : إن هذا باطل قولا واحدا . واختلفوا في العلة . فقال بعضهم : العلة في بطلانه أنه إذا شرط على البائع حصاده فقد صار شرطا في تأخير القبض ،
والبيع بشرط تأخير القبض باطل .
وقال آخرون : بل العلة في بطلانه أنه استأجره على عمل فيما لم يستقر ملكه عليه : لأن الزرع على هذا القول لم يملكه المشتري بعد ، وقال آخرون : بل العلة في بطلانه شرط عقدين في عقد فكان في معنى بيعتين في بيعة ، وذلك باطل . فلو
قال : قد ابتعت منك هذا الزرع وتحصده لي بدينار جاز على هذا التعليل الأخير : لأنه لم يجعل أحدهما شرطا في الآخر ، ولم يجز على التعليلين الأولين ، وفي معنى هذه المسألة إذا اشترى ثوبا وشرط على البائع خياطته
[ ص: 321 ] أو طعاما وشرط عليه طحنه أو متاعا وشرط عليه نقله ، فالجواب في جميع ذلك واحد ، والله أعلم .