مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " وكذلك ما أقر به من جناية " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
وإقرار العبد بالجناية ضربان :
أحدهما : ما يوجب المال بجناية الخطأ أو قيمة المتلف ، فإقراره متعلق بذمته دون رقبته إلا أن يصدق السيد أو تقوم به بينة فيلزم في رقبته ، وإنما لم يتعلق إقراره برقبته لأمرين :
أحدهما : أن الرقبة ملك لسيده فلم يجز أن ينفذ إقراره من غير ملكه ، ألا ترى أن إقرار السيد بها لازم في رقبته ؛ لأنها في ملكه .
[ ص: 372 ] والثاني : أن العبد متوهم في هذا الإقرار إضرارا بسيده ليخرج من ملكه ، فصار كإقرار الجاني بالخطأ لا يقبل على عاقلته .
فدل ما ذكرنا من هذين على أن الأرش لا يتعلق برقبته ، وإذا لم يتعلق برقبته تعلق بذمته ، كالمقر بقتل الخطأ لما لم يلزم العاقلة لزمته في ذمته .
والضرب الثاني : أن تكون الجناية موجبة للقود في نفس أو طرف ، فإقرار العبد بها مقبول على السيد ويستوفي منه القود .
وقال
المزني ، وزفر ، ومحمد بن الحسن ، وداود : إن إقراره بها مردود كالمال : لأنه مقر في ملك سيده .
وهذا خطأ : لأن لو أقر به السيد على عبده لم يقبل ، فإذا أقر به العبد على نفسه قبل ، كحد الزنا وشرب الخمر .
ألا ترى أن ما يوجب المال لما كان لو أقر به السيد على عبده قبل ، كان إقرار العبد به على نفسه غير مقبول ، ولأنه إقرار ينفي عنه التهمة فيه ، ولا يظن بعاقل أن يقصد قتل نفسه إضرارا لغيره ، ومن هذا الوجه خالف المال حيث لم يمض إقراره فيه . والله أعلم .