قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " قد أذن الله جل وعز في الرهن والسلم فلا بأس بالرهن ، والحميل فيه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . يجوز
أخذ الرهن والضمين فيه .
وحكي عن
سعيد بن جبير ، والأوزاعي ، أن أخذ الرهن والضمين في السلم لا يجوز : لأن ذلك وثيقة في الثمن دون المثمن فأشبه بيوع الأعيان التي لا يجوز أخذ الرهن فيها ، وهذا خطأ : لقوله تعالى :
فرهان مقبوضة [ البقرة : 283 ] . ورد هذا في آية الدين ، فكان إباحة الرهن والسلم نصا وفي غيره استدلالا : لأنه عقد معاوضة يصح أن يستوثق فيه بالشهادة ، فجاز أن يستوثق فيه بالرهن والضمان كالبيع ، ولأن عقد البيع لما لم يجز أخذ الرهن في المثمن وجاز في الثمن وجب إذا لم يجز في السلم أخذ الرهن في الثمن أن يجوز في المثمن ، ومن هذا الوجه سقط استدلالهم .
فصل : فإذا تقرر جواز
الرهن والضمين في السلم ، فإن كان المأخوذ فيه رهنا كان للمسلم مطالبة المسلم إليه بحقه عند محله ، فإن تعذر حصول ذلك من جهته بيع الرهن بجنس الأثمان ، ثم اشترى بما حصل من ثمنه ما يستحقه المسلم في سلمه ولم يجز أن يباع الرهن بالسلم المستحق إلا عن رضا المسلم إليه وإذنه : لأن الرهون المبيعة على أربابها إنما تباع بغالب أثمانها ، وإن كانت الوثيقة في السلم ضمانا ضمنه ، فالمسلم إذا حصل حقه الخيار في مطالبة الضامن به ، أو المسلم إليه ، فإن أخذ حقه من المسلم إليه برئ وبرئ الضامن معه ، ولو أخذ حقه من الضامن كان للضامن أن يرجع على المسلم إليه بها إذا كان ضمانه بأمره دون قيمته ، ولو أخذ حقه من الضامن كان للضامن أن يرجع للمسلم إليه بها إذا كان ضمانه بأمره دون قيمته ، سواء كان المسلم مما يضمن في المغصوب بالمثل كالحنطة أو بالقيمة كالثياب ، ولا يجوز للضامن مطالبة المسلم إليه بغير ما ضمن عنه قبل أدائه عنه وإنما له أن يطالبه بخلافه ، فلو أن المسلم إليه دفع السلم إلى الضامن : فإن جعله رسولا في دفعه إلى المسلم جاز ، فلو تلف في يد الضامن لم يلزمه ضمانه : لأنه أمين ، وإن دفعه إليه قضى من ضمانه : لأنه لم يجز ، لأن الضامن يستحق القضاء بعد الأداء ، فلم يجز أن يقضيه ما ليس له فلو تلف
[ ص: 391 ] ذلك من يد الضامن كان مضمونا عليه : لأنه أخذه على البدل ، ولو كان الضامن باعه فبيعه باطل في الحالتين معا : لأنه باع ما لم يملكه بغير أمر مالكه .