مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
رهنه أرضا من أرض الخراج فالرهن مفسوخ لأنها غير مملوكة " .
قال
الماوردي : اعلم أن
أرض الخراج على ضربين :
أحدهما : أن تكون
الأرض للمشركين وقد صالحهم الإمام عنها على خراج يضربه عليها ، فهذا الخراج في حكم الجزية متى أسلموا سقط عنهم ، والأرض في ملكهم قبل إسلامهم وبعده وهذه يجوز بيعها ورهنها ولم يرد
الشافعي هذا الضرب منها .
والضرب الثاني : أن تصير
الأرض للمسلمين إما عنوة أو صلحا ثم يقفها الإمام ويضرب عليها خراجا في كل عام ويقرها في يد المشركين أو غيرهم ، فهذه أجرة لا تسقط عنهم بإسلامهم والأرض وقف لا يجوز بيعها ولا رهنها ، وهذا الضرب هو الذي أراده
الشافعي منها .
فصل : فأما
أرض السواد فهي ما ملك من أرض كسرى وحده طولا ، من حديثة
الموصل إلى
عبادان وعرضا : من
عذيب القادسية إلى
حلوان يكون مبلغ طوله مائة وستين فرسخا ومبلغ عرضه ثمانين فرسخا .
فهذه الأرض ملكها المسلمون فاستطاب
عمر رضي الله عنه أنفسهم عنها ، وسألهم أن يتركوا حقوقهم منها وأقرها في أيدي الأكرة والدهاقين وضرب عليهم خراجا يؤدونه في كل عام على جريب الكرم والشجر عشرة دراهم ، ومن النخل ثمانية دراهم ، ومن قصب السكر ستة دراهم ، ومن الرطبة خمسة دراهم ، ومن البر أربعة دراهم ، ومن الشعير درهمين .
فاختلف أصحابنا في حكمها على وجهين :
أحدهما وهو قول
أبي سعيد الإصطخري ومذهب
البصريين ، أن
عمر رضي الله عنه وقفها على جماعة المسلمين وجعل الخراج الذي ضربه عليها أجرة تؤدى في كل عام فعلى هذا لا يجوز بيعها ولا رهنها وهذا أشبه بنص
الشافعي .
والوجه الثاني وهو قول
أبي العباس بن سريج وهو مذهب بعض
البغداديين أن
عمر رضي الله عنه باعها على الأكرة والدهاقين وجعل الخراج الذي ضربه عليها ثمنا في كل عام ، فعلى هذا يجوز بيعها ورهنها وللكلام في ذلك موضع يستوفى فيه إن شاء الله تعالى .