مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
رهن عبدا قد صارت في عنقه جناية على آدمي أو في مال فالرهن مفسوخ ولو أبطل رب الجناية حقه لأنه كان أولى به بحق له في عنقه " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن جناية العبد على ضربين :
عمد يوجب القود وقد مضى حكمه ، وخطأ يوجب المال وهذا موضعه فإذا كانت جناية العبد خطأ توجب المال فقد تعلقت برقبته ليباع في جنايته .
واختلف أصحابنا في كيفية وجوبها على وجهين :
أحدهما : أنها وجبت ابتداء في رقبته لأنه لو مات سقط أرشها لفوات رقبته .
والوجه الثاني : أنها وجبت ابتداء في ذمته ثم انتقل وجوبها إلى رقبته لأنه لو أعتق لوجب عليه أرشها في ذمته ، ولو وجبت في رقبته لكان كالحق المرهون فيه لا ينتقل بعد عتقه إلى ذمته .
والوجه الأول أصح ، لأنها لو وجبت في ذمته في الابتداء ما جاز أن تنتقل إلى رقبته في الانتهاء كالدين ، لما كان وجوبه في ذمته لم ينتقل إلى رقبته .
فإذا ثبت أن أرش الجناية متعلق برقبته فإن فداه السيد من جنايته أو أبرأه المجني عليه منها جاز للسيد أن يرهنه لفكاك رقبته وخلاصه من جنايته ، فإن كان أرش الجناية باقيا في رقبته لم يجز للسيد أن يرهنه لأنه مرهون بأرش جنايته ، فإن رهنه باطلا موسرا كان أو معسرا .
ومن أصحابنا من خرج في رهنه قولا ثانيا أنه جائز إذا كان موسرا وهو قول من زعم أنها وجبت في الابتداء في ذمته ، فإن فداه السيد استقر رهنه وإن بيع في الجناية بطل رهنه .
والصحيح أن رهنه باطل قولا واحدا في اليسار والإعسار لأن حق الجناية أوكد من حق
[ ص: 93 ] المرتهن لتقديمه إذا طرأ على الرهن ثم كان المرهون لا يجوز رهنه قبل فكاكه لتعلق حق المرتهن برقبته ، فالجاني أولى ألا يجوز رهنه قبل فكاكه لتعلق حق المجني عليه برقبته ، فلو أن المجني عليه أبطل أرش جنايته من رقبة العبد لم يصح الرهن إلا أن يستأنفا تجديد رهن لأن العقد إذا وقع فاسدا لا يصح بزوال ما وقع به فاسدا .