مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " ولو
ارتهن نخلا مثمرا فالثمر خارج من الرهن طلعا كان أو بسرا إلا أن يشترطه مع النخل لأنه عين ترى " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
إذا رهنه نخلا مثمرا لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يشترط دخول الثمرة في الرهن فيصح الرهن فيهما معا ويكونان رهنين .
والقسم الثاني : أن يشترط خروجها من الرهن فيصح الرهن في النخل وتكون الثمرة خارجة من الرهن .
والقسم الثالث : أن يطلق الرهن فلا يشترط دخول الثمرة في الرهن ولا خروجها منه فلا تخلو الثمرة من أحد أمرين :
إما أن تكون مؤبرة أو غير مؤبرة ، فإن كانت مؤبرة فهي خارجة من الرهن لأنه لما لم تكن الثمرة المؤبرة تابعة لعقد البيع مع قوته فأولى ألا تكون تابعة لعقد الرهن مع ضعفه .
وإن كانت غير مؤبرة فالمذهب أنها خارجة من الرهن أيضا وإن كانت داخلة في البيع . .
والفرق بين الرهن والبيع من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن البيع يزيل الملك فدخلت الثمرة لأنها تابعة للملك وليس كذلك الرهن لأنه لا يزيل الملك .
والثاني : أنه لما كانت الثمرة الحادثة تابعة للمبيع كانت المتقدمة كذلك ولما كانت الثمرة الحادثة غير داخلة في الرهن فأولى أن تكون المتقدمة كذلك .
والثالث : أن في الرهن حقين : حق الملك للراهن وحق الوثيقة للمرتهن والثمرة من حقوق الملك دون الوثيقة ، فلذلك خرجت من الرهن تبعا للملك ولم تدخل فيه تبعا للوثيقة ، فهذا هو المنصوص عليه في القديم والجديد .
وفيها تخريج اختلف أصحابنا فيه من مسائل نذكرها وهي
قيمة رهن شاة ذات صوف هل يكون الصوف الذي على ظهرها داخلا في الرهن أم لا ؟ على قولين ،
[ ص: 121 ] أو
رهن شاة حاملا ، هل يكون الحمل إذا وضعته رهنا معها أم لا ؟ على قولين ، أو
رهن شاة في ضرعها لبن هل يكون اللبن إذا حلب منها رهنا معها أم لا ؟ على قولين ، ففي هذه المسائل الثلاث قولان :
أحدهما : وهو قوله في الجديد أن الحمل والصوف واللبن غير داخل في الرهن كالثمرة .
والثاني : وهو قوله في القديم أنه داخل في الرهن ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في هذا القول هل يصح تخريجه في الثمرة غير المؤبرة حتى تكون داخلة في الرهن أم لا ؟ فكان
أبو علي بن خيران يخرج فيها قولا ثانيا من هذه المسائل أنها داخلة في الرهن فيخرج الثمرة غير المؤبرة على قولين :
أحدهما : أنها خارجة من الرهن .
والثاني : أنها داخلة فيه كالصوف والحمل واللبن وبه قال طائفة من البغداديين وكان
أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة يمنعان من تخريج الثمرة على قولين كالصوف والحمل واللبن وبه قال كافة
البصريين ، وتعليل
الشافعي في الثمرة دليل على الفرق بينهما لأنه علل للثمرة في خروجها من الرهن بأن قال : لأنها عين ترى وليس كذلك الحمل واللبن ، فأما الصوف وإن كان مرئيا فهو من جملة الشاة وأبعاضها فجرى مجرى سائر أعضائها في دخوله في الرهن ، وليس كذلك الثمرة لأنها ليست من جملة النخلة ، ولا بعضا منها فلم تكن داخلة في الرهن معها كالمؤبرة .