مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
باع رجل شيئا على أن يرهنه من ماله ما يعرفانه يضعانه على يدي عدل أو على يدي المرتهن كان البيع جائزا " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، البيع بشرط الرهن جائز ، فإن باعه شيئا على أن يعطيه بثمنه رهنا وكان الرهن معينا كان البيع صحيحا والرهن جائزا ، لأمرين :
أحدهما : إن جاز اشتراطه بعد العقد كان أولى بالجواز مع العقد لأن من الشروط ما يلزم مع العقد ولا يلزم بعد العقد كالأجل ، فلما كان الرهن بعد العقد جائزا كان أولى أن يكون مع العقد جائزا .
والثاني : أن الرهن من مصلحة العقد لأنه موضوع لاستيفاء موجبه ، وما كان من مصلحته جاز اشتراطه فيه كالخيار .
فإذا ثبت جواز اشتراطه في العقد فلا يخلو حالهما من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يشترطا ترك الرهن في يد المرتهن فالواجب أن يوضع على يده لموجب شرطه ، وليس له إذا قبضه أن ينتزعه منه ما لم يتغير حاله .
والقسم الثاني : أن يشترطا وضعه على يد عدل ، فالواجب أن يوضع على يده ما لم يتفقا على غيره وليس لواحد منهما إذا حصل الرهن بيده أن ينتزعه منه ما لم يتغير حاله .
والقسم الثالث : أن يطلقا ولا يشترطا تركه على يد المرتهن ولا عدل يتفقان عليه .
ففي الرهن وجهان :
أحدهما : باطل للجهل بمستحق اليد .
والوجه الثاني : وهذا أصح أن الرهن جائز لأن تعينه لما لم يلزم بالعقد لم يكن شرطا في صحة العقد ، فعلى هذا إن اتفقا على تركه في يد من يرضيان به ، وإلا اختار لهما الحاكم عدلا وأمرهما بوضعه على يده .