الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأيهما مات قام وارثه مقامه " .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

إذا مات أحد متعاقدي الرهن فلا يخلو ذلك من أحد أمرين ، إما أن يكون قبل القبض أو بعده ، فإن كان موته بعد القبض لم يبطل بموت واحد منهما ، لأن الرهن بعد القبض لازم ، والعقود اللازمة لا تبطل بالموت ، فإذا كان كذلك نظر فإن كان الميت هو الراهن فقد حل ما عليه من الحق المؤجل بموته والرهن على حاله في يد مرتهنه حتى يقبض الحق من ورثته أو يباع الرهن إن امتنع الوارث ليقبض المرتهن حقه من ثمنه ، وإن كان الميت هو المرتهن فحقه في ذمة الراهن إلى أجله لأن الدين المؤجل يحل بموت من هو عليه ، ولا يحل بموت من هو له ، ثم ينظر في الرهن فإن كانت على يد عدل وجب إقراره في يده ، ولم يكن للراهن ولا لوارث المرتهن إخراجه من يده إلا أن يتفقا على إخراجه ، ثم لوارث المرتهن مطالبة الراهن بالحق عند حلول أجله .

وإن كان الرهن على يد المرتهن لم يلزم الراهن إقرار الرهن في يد وارثه إلا باختياره ، وله أن ينتزعه من يد الوارث : لأنه لم يرض بأمانته ويضعانه على يد عدل يرضيان به ، فإن تمانعا واختلفا ارتضى الحاكم لهما عدلا ، فإن منع الوارث من تسليم الرهن ضمنه .

[ ص: 192 ] فصل : وإن كان الموت قبل القبض فالحي منهما ووارث الميت على حالهما ، إن أحبا أن يمضيا الرهن أمضياه ، لأن الرهن قبل القبض غير لازم ، ثم هل يبطل بالموت حكم العقد المتقدم حتى إن أحبا إمضاء الرهن استأنفاه أم لا ؟ على وجهين مضيا في أول الكتاب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية