[ ص: 203 ] باب
انتفاع الراهن بما يرهنه
" قال : حدثنا
إبراهيم بن محمد ، قال أخبرني
المزني قال : ( قال
الشافعي ) : وقد روي عن
أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=923236الرهن مركوب ومحلوب ( قال ) ومعنى هذا القول أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن من ظهرها ودرها ، وأصل المعرفة بهذا الباب أن
للمرتهن حقا في رقبة الرهن دون غيره ، وما يحدث مما يتميز منه غيره " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : نماء الرهن ومنافعه من ثمرة ونتاج ودر وركوب وسكنى ملك للراهن دون المرتهن ، سواء أنفق على الرهن أم لا .
وهذا قول
مالك وأبي حنيفة .
وقال
أحمد بن حنبل : جميع نماء الرهن وسائر منافعه ملك المرتهن دون الراهن ، سواء كان هو المنفق على الرهن أم لا .
وقال
أبو ثور : إذا كان الراهن هو الذي ينفق على الرهن ، فالنماء والمنافع له .
وإذا كان المرتهن هو المنفق على الرهن ، فالنماء والمنافع له .
فأما
أحمد فاستدل بحديث
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
الرهن محلوب ومركوب ومعلوم أنه علق على الرهن هذا الحكم لما حدث عقد الرهن ، فلم يجز أن يكون الحلب والركوب مضافا إلى الراهن ، لأن له ذلك قبل الرهن ، فعلم أنه أضاف ذلك إلى المرتهن ، ليصير حكمه مستفادا بالرهن ، ولأن الرهن كالبيع في أن كل واحد منهما عقد على ملك في مقابلة عوض ، ثم لما كان عقد البيع يجعل نماء المبيع ملكا للمشتري وجب أن يكون عقد الرهن يجعل نماء المبيع ملكا للمرتهن .
وأما
أبو ثور فاستدل بحديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=923225الرهن يركب [ ص: 204 ] بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم النماء تبعا للنفقة ، فعلم أنها ملك لمن تولى النفقة ، قال : ولأن النماء في مقابلة النفقة لأن النفقة نقص وغرم ، والنماء زيادة وكسب ، فوجب أن يكون كسب النماء لمن جعل عليه نقص النفقة .
والدلالة عليها حديث
ابن المسيب مرسلا عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923237لا يغلق الرهن من راهنه الذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه .
فجعل لمالك الرهن غنمه من نماء وزيادة ، وجعل عليه غرمه من مئونة ونقص ، ولأن كل من كان له ملك كان له نماء ذلك الملك ، لأن الفروع تابعة للأصول ، فلما كان الرهن على ملك الراهن وجب أن يكون النماء على ملك الراهن كسائر الأملاك ، ولأن يد المرتهن عليه لاستيفاء حقه منه ، وذلك لا يوجب تملك المنافع كحبس المبيع في يد البائع ، ولأن حق المرتهن قد تعلق برقبة العبد المرهون كتعلق الجناية برقبة العبد الجاني ، ثم لم يكن تعلق حق الجناية بالرقبة موجبا لتمليك المنافع ؛ وجب أن لا يكون تعلق حق المرتهن بالرهن موجبا لتمليك المنافع .
فأما الجواب عما استدل به
أحمد من قوله صلى الله عليه وسلم
الرهن محلوب ومركوب فيعني لراهنه ، وقصد به بيان الحكم بأن الراهن لا يمتنع منه ، وأما الجواب عن استدلاله بالبيع ، فالبيع لما نقل ملك المبيع إلى المشتري نقل نماء المبيع إلى المشتري ، ولما لم ينقل عقد الرهن الملك إلى المرتهن لم ينقل نماء الرهن إلى المرتهن .
وأما الجواب عما استدل به
أبو ثور من الخبر فالمراد به الراهن بدليلين :
أحدهما : قوله : الرهن من راهنه الذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه .
والثاني : أنه جعل ذلك ملكا لمن تجب عليه النفقة ، ولم يجعله لمن تطوع بالنفقة ، والنفقة واجبة على الراهن دون المرتهن .
فوجب أن يكون بدليل هذا الحديث النماء واجبا للراهن دون المرتهن ، وهو جواب عن استدلاله .
فإذا ثبت أن النماء ملك للراهن فالكلام في خروجه من الرهن وخلاف
مالك وأبي حنيفة فيه يأتي من بعد .